للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أتى مروان خيّم عنده ... وفال رضينا بالمقام إلى الحشر

وليست لمروان على العرس غيرة ... ولكنّ مروانا يغار على القدر

وكان دعبل كثير الهجاء لكل من يظن أنه ارتفع على مرتبته من الشعراء حتى أستاذه مسلم بن الوليد لم يسلم منه، وربما كان أهمّ شاعر حسده أبا تمام، حتى كان لا يكتفى بهجائه، بل يدعى عليه أنه سرق قصائد برمتها من الشعراء السابقين وفيه يقول (١):

أدعبل إن تطاولت الليالى ... عليك فإن شعرى سمّ ساعه

وما وفد المشيب عليك إلا ... بأخلاق الدناءة والوضاعه

ووجهك إن رضيت به نديما ... فأنت نسيج وحدك فى الرّقاعه

ولو بدّلته وجها بوجه ... لما صلّيت يوما فى جماعه

وكانت صلات أبى تمام فى كل بيئة ينزل بها سببا فى كثرة من هجوه، وقد صورنا ذلك من بعض الوجوه فى حديثنا عنه. ونحن نخص بالحديث هجّاءين كبيرين هما أبو عيينة المهلّبى وعبد الصمد بن المعذّل.

أبو عيينة (٢) المهلبى

هو أبو عيينة بن محمد بن أبى عيينة، من سلالة المهلب بن أبى صفرة، مولده ومنشؤه وحياته فى البصرة، إذ لم يفارقها إلا لماما، وكان أبوه يولّى الرى لأبى جعفر المنصور، ثم قبض عليه وحبسه وغرّمه. وكان لأبى عيينة أخوان شاعران هما عبد الله وداود. ومن الغريب أنهم جميعا كانوا هجائين، أما عبد الله فقصد ابن طاهر ومدحه، ثم هجاه هجاء مرّا، وأما داود فتعلق بهجاء آل سليمان بن على والى البصرة، وقد تولاها من أبنائه غير واحد، وفيهم يقول:

قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ... واستوثقوا من رتاج الباب فى الدار


(١) أغانى (طبعة الساسى) ١٨/ ٣٤.
(٢) انظر فى أشعار أبى عيينة وأخباره ابن المعتز ص ٢٨٨ وابن قتيبة ص ٨٤٧ وما بعدها والأغانى (طبعة الساسى) ١٨/ ١١ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>