وطافوا عليها خاضعين تقرّبا ... إلى ذلك المقبور بالذّبح والنّذر
وكم سألوا الأموات كشف كروبهم ... ولا سيّما فى الفلك فى لجج البحر
فزادوا على شرك الأوائل إذ دعوا ... سوى الله فى حال الرّخاء وفى العسر
وعلى هدى من الدعوة الوهابية مضى يهاجم كل ما هاجمته، وكان مما استحدث فى الجزيرة التذكير قبل الأذان للصلاة، وعنّفت الدعوة الوهابية المؤذنين على هذا التذكير، ورأت منعه منعا باتا، واصفة له بأنه بدعة وينبغى الكف عنها، وفى إثرها يقول ابن مشرف:
وسل فاعل التذكير عند أذانه ... أهذا هدى أم أنت بالدّين تلعب
وهل سنّ هذا المصطفى فى زمانه ... أو الخلفا أو بعض من كان يصحب
واستمر يتساءل هل سنّه التابعون أو سنّه أحد أصحاب المذاهب الفقهية، وانتهى إلى أنه من الأمور المحدثات التى ينبغى أن تجتنب، قائلا إن العلم ينبغى أن لا يؤخذ إلا من الكتاب والسنة. ويخص هذه الفكرة بقصيدة يحث فيها على الأخذ بنصوص الحديث النبوى وآيات الذكر الحكيم، ويسميهما وحيين، وتسميته الذكر الحكيم وحيا واضحة، أما تسميته الحديث بالوحى فلأنه إلهام وهدى ربانى، يقول:
وقدّم أحاديث الرّسول ونصّه ... على كلّ قول قد أتى بإزائه
وإن جاء رأى للحديث معارض ... فللرأى فاطرح واسترح من عنائه
ومن يكن الوحى المطهّر علمه ... فلا ريب فى توفيقه واهتدائه
وكلّ فقيه فى الحقيقة مدّع ... ويثبت بالوحيين صدق ادّعائه
فالكتاب والحديث هما مدار الفقه والفتوى، فما يرسمه القرآن ويبينه الحديث هو الدين الحنيف، وعلى العقل أن يسير وراءهما شارحا ومفسرا ومبينا، لا موجها ولا متحكما ولا مؤولا. . وعلى هذا النحو تتجلى فى شعر ابن مشرف دائما الدعوة الوهابية بكل ما اتصل بها من مبادئ وتعاليم.
[٥ - شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية]
لعل أكبر بيئة عربية شهدت شعراء الزهد والتصوف والمدائح النبوية هى بيئة مكة والمدينة، فلم يكن هناك زاهد ناسك ولا متصوف عابد إلا ويحج البيت الحرام ولم يكن