للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصوت للقارئ والكلام ... لله ذا به قد استقاموا

فاللفظ والمعنى من القرآن ... قد نزلا من ربنا الرحمن

ومن يقل بخلقه أو سطره ... فهو مضلّ فاستعذ من شرّه

وكان المعتزلة ينزهون الذات العلية عن مشابهة المخلوقات فهو ليس جسما ولا عرضا ولا مادة ولا جوهرا ولا يحيط به مكان ولا زمان، وأوّلوا الآيات التى قد تفيد مشابهة مثل (ثم استوى على العرش) بأن الاستواء فى الآية بمعنى الاستيلاء ومثل (يد الله فوق أيديهم) أوّلوا اليد فى الآية بمعنى القدرة. ونفوا الصفات عن الله لأنها من عوارض الأجسام فى رأيهم وقالوا إنها عين الذات. وكل ذلك ردّه محمد بن عبد الوهاب متابعا ابن تيمية وابن حنبل، وأخذ مثلهما فى الآيات التى تفيد التشبيه بفكرة التنزيه مع الإيمان بما جاء منها فى القرآن، وعلى ضوء من ذلك كله يقول ابن مشرّف:

الله ذو العرش على العرش استوى ... وعلمه لكلّ شئ قد حوى

وما اقتضى التشبيه مثل العين ... والوجه والإصبع واليدين

نؤمن به لكن مع التنزيه ... له عن التمثيل والتشبيه

من شبّه الله بخلقه كفر ... ومن نفى صفاته أصلى سقر

وهو فى البيت الأخير يحكم على من ينفى الصفات وهم المعتزلة كما أسلفنا بالكفر ويقول إن الله يخلق أفعال العباد ولكن لهم كسبا وكل امرئ يحاسب على ما كسبت يداه، ويتحدث عن إرسال الرسل ورسالة النبى صلى الله عليه وسلم ومعجزاته من القرآن كالمعراج ويشيد بأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وباقى العشرة المبشرين بالجنة وبأصحاب المذاهب الأربعة وبسفيان الثورى وداود الظاهرى. ويطيل فى الحديث عن البعث والمعاد والحساب.

وبذلك يختم الحديث عن النوع الثانى من أنواع الوحدانية وهى وحدانية الأسماء والصفات ويأخذ فى الحديث عن النوع الثالث من أنواع الوحدانية وهو وحدانية العبادة، فالله وحده هو الذى يعبد دون سواه، وهو وحده الذى تقدّم إليه النذور، ومن الشرك تقديمها لسواه وأيضا من الشرك القسم بغيره يقول:

الحلف مطلق بغير الله ... شرك بلا شكّ ولا اشتباه

ويهاجم زيارة القبور: قبور الأولياء والصالحين وما بنى عليها وشيّد من قبب والطواف حول تلك القبور تقربا. وسؤال الناس أصحابها أن يدفعوا عنهم الأذى ويجلبوا لهم النفع، بل إنهم ليتوجهون إليهم بالدعاء، كلما أحاط بهم كرب، طلبا للنجاة، يقول:

ألم تنظر الشرك الذى فيهم فشا ... فكم قبّة قد شيّدوها على قبر

<<  <  ج: ص:  >  >>