للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرابع

شعراء السياسة

[١ - شعراء الزبيريين]

رأينا فى غير هذا الموضع كيف أخذت تظهر فى صفوف الأشراف من أبناء كبار الصحابة معارضة حادة لأخذ معاوية البيعة لابنه يزيد بولاية العهد واستخلافه له من بعده، وكيف قاد الحسين بن على بن أبى طالب وعبد الله بن الزبير هذه المعارضة. وحدث أن دعا بعض أهل الكوفة الحسين ليبايعوه، ومضى إليهم غير أنه قتل دون غايته، فخلا الجوّ لابن الزبير الذى عاذ بمكة، وقد اتخذ من قتل الحسين أداة للتشنيع على يزيد وعمّاله، وثارت المدينة، وأوقع بها يزيد وقعة الحرّة المشهورة. فاتسعت الجروح فى الحجاز، وبدا للعيان أن الأمويين، وإن كانوا قرشيين، يحكمون بسيوف كلب وغيرها من قبائل الشام اليمنية، وكأنه لم يعد لقريش ولا للحجاز عامة شئ فى الحكم. وحقّا أن الأمويين قرشيون ولكنهم حولوا الخلافة عن المدينة حاضرتها فى الحجاز إلى دمشق، ولم يعودوا يستندون فى حكمهم على قريش، بل أصبحوا يستندون على قبائل الشام اليمنية ويحكّمونها فى رقاب الناس، بل لقد استباحوا بها مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد مضوا يلون الخلافة كما وليها يزيد، لا بسلطان شرعى، وإنما بسلطان السيف والقوة، إذ أن يزيد لا يأتى أولا بين أبناء كبار الصحابة فبينهم من يفضلونه بسابقة آبائهم فى الإسلام وبسيرتهم الفاضلة. واتجه الجيش الذى نكب المدينة فى وقعة الحرّة إلى مكة حيث يعوذ ابن الزبير، وهبّ كثير من العرب حتى من الخوارج للذوّد عن البلد الحرام. وضرب من حوله حصار،

<<  <  ج: ص:  >  >>