للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحول (١) الحسنى

هو عبد الله الأحول الحسنى، كان حسن الأخلاق عالما باللغة، ولما وقعت الحرب بين قومه وبين العلويين انحاز فيها إلى قومه وسلّ معهم سيفه، ونظم فيها أشعارا كثيرة ضد العلويين، وما زال حاملا سلاحه حتى قتل فى إحدى معاركها سنة ١٢٥٠ هـ‍/١٨٣٥ م وأنشد له الشنقيطى والدكتور محمد المختار قصائد ومقطوعات غزلية مختلفة منها قوله:

شدّوا المهارى بأكوار وأحداج ... وأدلجوا تحت ليل أليل داج (٢)

فأصبحت دورهم قفرا معطّلة ... تبكى دواعى هديل شجوها شاج (٣)

تلوح آثار من بانوا بمعهدها ... مثل البرود وشتها كفّ نسّاج

فما علمت ولم أشعر ببينهم ... إلا بجون من الغربان شحّاج (٤)

تبّا لعيس نأت عنا بناعمة ... غيداء ريّانة الحجلين مغناج (٥)

والأحول يقول إن أهل صاحبته شدوا الإبل للرحيل ومعهن النساء فى الرحال والهوادج، وساروا فى ليل شديد الظلام وأصبحت دورهم خالية يبكى فيها الهديل وحماماته بكاء يثير الوجد والشجن، وآثارهم فى الديار وكأنها ثياب زيّنها نساج بما فيها من رسوم وخطوط. وما أعلمنى ببينهم وبعدهم إلا نعيب غراب شديد السواد. ويقول هلاكا لإبل بعدت عنا بحسناء ممتلئة الخلخالين ذات دلال يزيدها حسنا، ويقول:

أمست معاهد سعدى باللّوى درسا ... من صوب ودق الغوادى بكرة ومسا (٦)

كم حاورتنى. بها حوراء آنسة ... غرّاء من حاورته منطقا أنسا (٧)

ألهو بسعدى وسعدى لا يخبّبها ... نمّ المريدين تخبيبا من الجلسا (٨)

بيضاء من مدّ فيها العين فاقتبست ... تحت الدّجى من سناها أنكر القبسا

بل لو رآها أهالى يوسف قطعت ... منهم قلوب رجال لا أكفّ نسا

وهو يقول إن ديار سعدى صاحبته أصبحت عافية من طول ما انسكب عليها من أمطار السحب صباحا ومساء، ويذكر صاحبته اللطيفة الحسناء وأنسه بها وبأحاديثها حين كانت


(١) انظر فى ترجمة الأحول وشعره الشنقيطى ص ٣٠٤ والدكتور محمد المختار ص ٨٤ وفى مواضع مختلفة.
(٢) المهارى: الإبل. الأكوار: الرحال. الأحداج: الهوادج. أدلجوا: صاروا ليلا. أليل: شديد السواد.
(٣) هديل: ذكر الحمام. شجوها: حزنها. شاج: كثير الحزن.
(٤) ببينهم: ببعدهم. جون: أسود. شحاج: يكثر من النعيب والصياح.
(٥) العيس: الإبل. غيداء: حسناء. ريانة الحجلين: ممتلئة الخلخالين. مغناج: ذات دلال.
(٦) درسا: عافية. ودق: مطر. الغوادى: السحب.
(٧) حوراء: ذات حور فى عينيها وجمال. غراء: بيضاء.
(٨) يخببها: يخدعها. المريدين: المعجبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>