تعدّ هذه الثورة نهاية الثورات الكثيرة التى نشبت ضد بنى أمية، وهى ثورات أراد بها أصحابها إلى الإصلاح الاجتماعى، ومنهم من كان يتخذ إلى ذلك طريق الرّفق على نحو ما هو معروف عن جماعة الفقهاء، وأكثرهم كان يتخذ طريق العنف يريد أن يمحو سلطان الأمويين محوا على نحو ما كان يريد ابن الزبير والخوارج والشيعة وابن الأشعث ويزيد بن المهلب. وقد شهر هؤلاء الثائرون السلاح فى وجوههم مرارا، كانت تتعرض فيها دولتهم للخطر أيما تعرض غير أنهم استطاعوا دائما أن يكبحوا جماح الثائرين خائضين إلى ذلك بحارا من الدماء، متخذين من القضاء على كل ثائر وأنصاره نكالا لكل من يحاول الثورة على نظمهم السياسية والاجتماعية.
وقد انتهت ثورات ابن الزبير وابن الأشعث ويزيد بن المهلب بمجرد الفتك بهم وبأنصارهم، أما ثورة الخوارج، ومثلها ثورة الشيعة، فظلت تشتعل من حين إلى حين فى العراق وجنوبيه وشماليه وما وراءه من الشرق. وكانوا كلما قضوا على ثورة وقتلوا منها مقتلة عظيمة هبّت ثورة ثانية. وكلفتهم ثورات الخوارج خاصة جهودا هائلة، إذ كانوا لا يستيئسون أبدا، وكان قد استقر فى نفوسهم أن الأمويين نهبوا السلطان من الأمة وينبغى أن يعود إليها بحيث تتحقق المساواة بين أفرادها وبحيث يعم العدل الذى لا تستقيم حياة الناس بدونه. وقد مضوا يجاهدون الأمويين جهادا عنيفا، لا يصانعون فيه ولا يداهنون، بل يشهرون سيوفهم باذلين أرواحهم فى سبيل عقيدتهم، وكلما هزمت منهم طائفة امتشقت الحسام طائفة أخرى، فقد باعوا أنفسهم لله ودينه الحنيف يقاتلون فى سبيله، فيقتلون من خالفوا