أثمرت رمحك من رؤوس ملوكهم ... لما رأيت الغصن يعشق مثمرا
وصبغت درعك من دماء كماتهم ... لما رأيت الحسن يلبس أحمرا
وابن عمار لا يبارى فى روعة التصاوير والأخيلة وروعة الأداء وحسن الصياغة، وكأن مدينة شلب وقراها الشاعرة ظلت تمخض الشعر فيها حتى أنتجت رحيق شعره الصافى البديع.
ابن الحداد القيسى (١)
هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحداد القيسى من مدينة وادى آش فى إلبيرة موطن بنى عقيل وغيرهم من القيسيين وشغف فى صباه-كما يقول ابن بسام-بصبية نصرانية رمز إليها باسم نويرة، وسنعرض لغزله بها فى حديثنا عن شعراء الغزل. وقد اشتهر بمعارفه الواسعة فى الآداب العربية والعلوم الإسلامية وأيضا فى الفلسفة والعلوم القديمة ولذلك ترجم له ابن سعيد كأحد العلماء فى موطنه، ويذكر مترجموه أن له فى العروض كتاب «المستنبط فى علم الأعاريض المهملة عند العرب» ولا أرتاب فى أنه لو وصل إلينا لكان دليلا قويا على ما قلته فى حديثى عن الموشحات من أن الأعاريض المهملة التى ينظم فيها والتى أشار إليها ابن بسام ونقلناها عنه هناك إنما هى أعاريض العرب المهملة التى نصّ عليها الخليل فى دوائره العروضية لا أعاريض أشعار رومانسية كما توهم «ريبيرا» ومن تابعه، وقال مترجمو ابن الحداد إن له فى العروض كتابا ثانيا باسم:«قيد الأوابد وصيد الشوارد» وكتابا ثالثا باسم: «الامتعاض للخليل» ردّ فيه على السرقسطى المنبوز بالحمار-وهو سعيد بن فتحون-مازجا فيه بين الأنحاء الموسيقية والآراء الخليلية، ولا أرتاب فى أن كتبه جميعا تؤكد ما ذهبت إليه فى فهم كلمة ابن بسام عن نظم الموشحات فى الأوزان المهملة التى أشار إليها الخليل فى وضعه لدوائره العروضية، وهى مرسومة بدقة فى كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه.
وكان يلزم المعتصم محمد بن معن بن صمادح التجيبى أمير المريّة التى بناها عبد الرحمن الناصر بالجنوب الشرقى للأندلس وأصبحت قاعدة للأساطيل الأموية،
(١) انظر ترجمة ابن الحداد فى الذخيرة ١/ ٦٩١ والمطمح ص ٨٠ والمغرب ٢/ ١٤٣ والتكملة رقم ٤٦٨ والخريدة ٢/ ٢٠٤ والفوات ٢/ ١٦٧ والإحاطة ٢/ ٢٥٠ والذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشى ٦/ ١٠ والوافى للصفدى (طبع إستانبول) ٢/ ٨٦.