للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرجى (١)

لقّب هذا اللقب لضيعة له قرب الطائف تسمى العرج كان ينزل بها، وهو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، من أهل مكة. ويقول الرواة إنه كان أشقر جميل الوجه، وإنه شهر بالغزل ونحا فيه نحو عمر بن أبى ربيعة وتشبّه به فأجاد.

وهو يختلف عنه من وجوه كثيرة، إذ لم تكن له نباهته فى أهله، وكان مشغوفا باللهو والصيد، وكانت فيه فتوة وفروسية، حتى عدّ فى الفرسان، ومن ثمّ اجتذبته حروب مسلمة بن عبد الملك بأرض الروم، فأبلى فيها بلاء حسنا، إذ كان من أفرس الناس وأرماهم وأبراهم لسهم. وهو لا يختلف فى ذلك عن عمر فحسب، بل هو يختلف معه أيضا فى أنه كان يسرف فى فتوته، حتى ليخرج إلى شئ من الإباحية، على شاكلة قوله:

قالت رضيت ولكن جئت فى قمر ... هلاّ تلبّثت حتى تدخل الظّلم

وقوله:

باتا بأنعم ليلة حتى بدا ... صبح تلوّح كالأغرّ الأشقر

فتلازما عند الفراق صبابة ... أخذ الغريم بفضل ثوب المعسر (٢)

وهو لا يقف بمثل هذه المعانى عند نفسه، بل يرمى بها حتى الحواج الناسكات، يقول فى إحداهن وقد سفرت عن وجه جميل:

أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها ... وأدنت على الخدّين بردا مهلهلا

من اللاء لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البرئ المغفّلا

ونجده يختلف إلى دار جميلة فى المدينة، ويبدو منه ما يجعلها تقسم أن لا تدخله منزلها لكثرة عبثه وسفهه، ويشفع له الأحوص عندها، فتستقبله وتغنيه فى قوله:


(١) انظر فى ترجمة العرجى وأخباره الأغانى (طبع دار الكتب) ١/ ٣٨٣ وما بعدها، ٨/ ١٨٤، ٢٣٠، ٢٧٦ والشعر والشعراء ٢/ ٥٥٦ والاشتقاق ص ٧٨ وحديث الأربعاء ١/ ٣١٦ وقد طبع ديوانه فى العراق.
(٢) تلازما: تعانقا. الغريم هنا: الدائن.

<<  <  ج: ص:  >  >>