الجذامى وجعثل بن عمير وموهد بن حى المعافرى وطلق بن حابان وسعيد بن مسعود التجيبى وكل منهم كان فقيها يتقن معرفة الشريعة ويروى الحديث النبوى عن الصحابة من أمثال عبد الله بن عمر بن الخطاب وأبى أيوب الأنصارى وعبد الله بن عمرو بن العاص، وكانوا يحسنون تفسير القرآن الكريم، وقد تحولوا جميعا مع إسماعيل بن عبيد الله بن أبى المهاجر فى إفريقية إلى معلمين يفقهون البربر أمور شريعتهم، وأتاهم البربر من كل فج من الجزائر وغير الجزائر يدرسون عليهم الشريعة الإسلامية، وعنوا بتحفيظهم القرآن الكريم. واتخذ كل منهم بجانب المسجد الذى بناه كتّابا لتحفيظ الناشئة القرآن. فأسلمت وتفقهت على أيديهم جموع كبيرة من البربر، وهم يعدّون-بحق-المعلمين الأولين للبربر تعاليم الشريعة الإسلامية، وبهم تمّ العمل الكبير من نشر الجيوش العربية وولاة المغرب من أمثال حسان بن النعمان وموسى بن نصير الدين الحنيف فى ربوع المغرب جزائر وغير جزائر، وانضمت الأمة البربرية إلى الأمة العربية فى دين واحد وعقيدة واحدة.
[(ب) دور العلم: الكتاتيب-المساجد-المدارس-الزوايا-المكتبات]
[الكتاتيب]
أخذت تتأسس عقب الفتوح الإسلامية فى بلدان الجزائر كتاتيب لتعليم الناشئة والناس القراءة والكتابة العربيتين وتحفيظهم القرآن الكريم وبعض الأحاديث النبوية وتعريفهم بما ينبغى أن يعلموه من فروض الإسلام وتعاليمه. وكانت هذه الكتاتيب تبنى مستقلة أو ملحقة ببعض المساجد، وأخذت المعارف فى هذه الكتاتيب تتسع بمر الزمن، فشملت مبادئ الحساب وسيرة الرسول صلّى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ولكن العناية الكبرى إنما كانت تنصب على تحفيظ القرآن وبعض الأحاديث حتى يرسخ الإيمان فى نفوس الناشئة، وتأتى بعد ذلك مدارسة الحساب وغيره من مبادئ العلوم، وكانت الكتاتيب منبثة فى المدن والقرى وفى كل تجمع للقبائل الجزائرية الجبلية والصحراوية وتكاثرت فى المدن كثرة مفرطة، حتى كانت تعد بالعشرات فى طبنة وقسنطينة وبونة وبجاية وتاهرت والجزائر وتلمسان والميزاب فى بسكرة وغير بسكرة.
[المساجد]
كانت الناشئة حين تنهى حفظها للقرآن الكريم وبعض متون الحديث وتتعرف على مبادئ العربية والعلوم فى الكتاتيب تتجه إلى حلقات المساجد وما يلقى فيها الشيوخ من الدروس فى موضوعات كثيرة، فى مقدمتها تفسير الذكر الحكيم، ورواية الحديث النبوى، والفقه