للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولدنا بنى العنقاء وابنى محرّق ... فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما (١)

فقال له النابغة: أنت شاعر ولكنك أقللت أجفانك وأسيافك وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك (٢). وأكبر الظن أن هذه الزيادة فى تلك الرواية من عمل بعض اللغويين الذين يذهبون إلى أن جمع المؤنث السالم ووزن أفعال فى جمع التكسير يدلان على القلة. وفى الحقيقة لم يفتخر حسان بالأبناء دون الآباء، بل لقد افتخر بالآباء، وإن كان عبر بكلمة ولدنا فهى مماحكة لفظية، وما كان النابغة ليعمد إلى مثل هذه المماحكة والمغالطة. والمهم فى الخبر أنه كان يحكم بين الشعراء فمن أشاد به تألق نجمه ومن أزرى به خمل ذكره.

وقد رجع إلى قبيلته بعد موت النعمان بن المنذر سنة ٦٠٢ وأمضى فيها بقية حياته، ويظهر أنه لم يعش طويلا، فليس فى أشعاره أى شئ يتصل بانتهاء حروب داحس والغبراء سنة ٦٠٨ ولو أنه حضر نهايتها لأشاد بموقف سيدى قبيلته: هرم بن سنان والحارث بن عوف فى حقن الدماء بما تحملا من ديات، ومن ثم كان لا يبعد عن الصواب ما زعمه لويس شيخو من أنه توفى سنة ٦٠٤ (٣).

[٣ - ديوانه]

لعل أقدم نشرة لديوان النابغة نشرة ديرنبورج له فى المجلة الآسيوية (١٨٦٨ - ١٨٦٩) وقد استخرجها من شرح الشنتمرى للدواوين الستة، وهى دواوين امرئ القيس والنابغة وزهير وطرفة وعنترة وعلقمة بن عبدة. وسبق أن قلنا فى حديثنا عن ديوان امرئ القيس إن هذا الشرح يحتفظ برواية الأصمعى لتلك الدواوين، وبعد أن يفرغ منها يضيف إليها بعض قصائد من رواية الكوفيين. وقد اعتمد ديرنبورج فى نشرته لديوان النابغة على مخطوطتين من شرح الشنتمرى وجدهما فى


(١) العنقاء: جد الخزرج الأول. محرق: هو الحارث بن جبلة الغسانى، ومعروف أن الغساسنة كالخزرج من الأزد، ولذلك يفخر بهم كما يفخر بقومه.
(٢) أغانى (طبعة دار الكتب) ٩/ ٣٤٠ والموشح للمرزبانى ص ٦٠.
(٣) شعراء النصرانية ص ٦٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>