وكم ضرب الناس بالمرهفات ... على الدّين ضرب غراب الإبل
وحقا كان علىّ ملهما فى معرفة الحكم الفاصل فى أى مشكلة تعرض له أو لغيره، حتى قال فيه عمر: قضية ولا أبا حسن لها، وكم أعز الله به الإسلام، وكم ضرب بالسيوف المرهفة أعداء الإسلام ضرب العرب لغرائب الإبل. أما أن الشمس كانت تردّ عليه حين تجنح للغروب فتلك مبالغة، علىّ فى غنى عنها، بل هى بهتان، ومثلها بهتانا ما زعمه فى القصيدة من تفضيل علىّ درجات فوق أبى بكر الصديق وأنه كان أجدر بالخلافة منه لأن الرسول أوصى أن يكون خليفة بعده. وتمادى فى بهتانه على الصديق، فقال إن الرسول نحّاه عن الصلاة بالناس حين اشتد به المرض، وقد صلى بالناس سبع عشرة صلاة، وصلى به الرسول مؤتما ركعة ثانية من صلاة الصبح ثم صلى الركعة الباقية وقال:«لم يقبض نبىّ حتى يؤمّه رجل من قومه». وكلّ ذلك متواتر معروف غير أن غلاة الشيعة ينكرونه. ولا يلبث أن ينحى باللائمة، بل أن يهجو-غير خجل ولا مستح-أبا بكر وعمر، لأنهما منعا السيدة فاطمة حقها فى ميراث الرسول وما آل إليه فى غزوة خيبر، وهما إنما صدعا فى ذلك عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقه» ولعل فى ذلك كله ما يدل على تشيع كشاجم وغلوه فى تشيعه.
ابن حيّوس (١)
هو محمد بن سلطان بن محمد بن حيوس الدمشقى، كان جده حيوس على شئ غير قليل من الثراء مما جعله يشيّد بدمشق دارا فخمة توارثها بنوه من بعده إلى زمن الشاعر. وكانت أمه بنت قاضى غوطة دمشق، فهو قد ورث الثراء عن آبائه، والعلم عن جده لأمه وأخواله. ولد لأبيه بدمشق سنة ٣٩٤ وحفظ مثل لداته القرآن وأخذ يختلف إلى العلماء وفى مقدمتهم خاله ابن الجندى الغسانى، وكانت دمشق حينئذ تابعة لمصر، ويبدو أن أباه كان موظفا فى دواوينهم هناك إذ نجد أحد قواد الحاكم بأمر الله الفاطمى المسمى أنوشتكين الدّزبرىّ ينزل ضيفا على أبيه لسنة ٤٠٦. ويعود فيما بعد حاكما لدمشق سنة ٤٢٠ حتى سنة ٤٣٣. وكانت موهبة الشاعر تفتحت،
(١) انظر فى ابن حيوس وشعره ابن خلكان ٤/ ٤٣٨ وزبدة الحلب (نشر د. سامى الدهان) ٢/ ٤٠ والوافى ٣/ ١١٨ وعبر الذهبى ٣/ ٢٧٩ وشذرات الذهب ٣/ ٣٤٣ ومقدمة ديوانه لخليل مردم وقد حققه ونشره فى مجلدين (طبع المجمع العلمى العربى بدمشق)