للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أجازنى رواية ديوانه وهو كثير الوجود بأيدى الناس». ومما يدل على ذلك من بعض الوجوه ما جاء فى طبعة المستشرق بلمر لديوان البهاء من أنه اعتمد فى تحقيقه للديوان على مخطوطة بمكتبة أكسفورد كتبها شرف الدين بن الحلاوى الشاعر الموصلى الأصل الدمشقى الدار والمولد.

ونصّ ابن خلكان فى ترجمة البهاء زهير على أن هذا الشاعر لقيه ومدحه بقصيدة أحسن فيها كل الإحسان، وطبعا طلب إليه أن يجيزه رواية الديوان فأجازه له. وأنشد ابن تغرى بردى لابن الحلاوى قصيدة (١) فى نهاية الرقة، يتضح فيها تأثره بالبهاء وفيها يقول:

هلال ولكن أفق قلبى محلّه ... غزال ولكن سفح عينى عقيقه (٢)

على خدّه جمر من الحسن مضرم ... يشبّ ولكن فى فؤادى حريقه

وشاع هذا الغزل الوجدانى فى الشام وغير الشام، وبدون ريب لمصر وشعرائها ابن سناء الملك وابن النبيه والبهاء زهير فضل شيوعه وذيوعه بعدهم فى مصر والبلدان العربية.

ابن (٣) مطروح

هو جمال الدين يحيى بن عيسى بن مطروح، ولد بأسيوط سنة ٥٩٢ ونشأ وأقام بقوص دار العلم والأدب والشعر حينذاك، واختلف إلى ما بها من حلقات العلماء والأدباء، وفيها تعرّف على البهاء زهير وكان يكبره بنحو عشر سنوات. وأعجب به البهاء، فاتخذه رفيقا وصديقا، واستمع إلى أشعاره وملكته الشعرية تتفتح فكان يشجعه. ويبدو أنه حين عيّن حاكم قوص مجد الدين اللمطى البهاء كاتباله، كما مرّ بنا فى ترجمته، سعى لديه ليسند عملا إلى صديقه ابن مطروح، يدل على ذلك ما فى ديوانه من مدائح موجهة لمجد الدين، وأكبر الظن أنه حين سخط مجد الدين على البهاء وأعفاه من منصبه سخط بالمثل على ابن مطروح وأعفاه من عمله. وحاول أن يستلّ من نفسه سخطه عليه، كما تشهد بذلك قصيدة يستعطفه بها استهلها بقوله:

لك الله إنّ العفو أقرب للتقوى ... ومثلك أولى مثلى الصّفح والعفوا


(١) النجوم الزاهرة ٧/ ٦٠.
(٢) العقيق: اسم وديان ومواضع متعددة فى المدينة ونجد.
(٣) انظر فى ترجمة ابن مطروح وأشعاره ابن خلكان ٦/ ٢٨٥ ومرآة الجنان ٤/ ١١٩ وشذرات الذهب ٥/ ٢٤٧ والنجوم الزاهرة ٦/ ٣٧٠، ٧/ ٢٧ وحسن المحاضرة ١/ ٥٦٧. وديوانه طبع قديما فى القسطنطينية سنة ١٢٩٨ هـ‍ وهو فى حاجة إلى نشرة محققة.

<<  <  ج: ص:  >  >>