للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على سطحه الأجزاء المهيّأة للزراعة كثيرة، وهى أولا سهول ساحلية على البحر المتوسط والمحيط الأطلسى، والأولى محدودة المساحة وكأنها فى بعض الأنحاء أشرطة ضيقة، والثانية أكثر اتساعا، ويتراوح عرضها بين ثلاثين وتسعين كيلو مترا. وتبعد الموانى على المحيط عن مصبات الأنهار لكثرة ما تحمل من الرواسب. وثانيا سهول نهرية وهى سهول كونتها الأنهار بكثرة ما حملت من الرواسب، مثل سهول الأنهار المذكورة آنفا. وهى تصلح لإنتاج جميع الغلات الزراعية وغرس الأشجار وإقامة الحدائق والبساتين. وثالثا سفوح منحدرات الجبال. ورابعا تربة الأطلس التلى وبه سهول واسعة لزراعة الحبوب وغرس الأشجار. ولاختلاف الطقس بين الوديان والسهول والجبال ومنحدراتها تلقاك فى المغرب مختلف أشجار الفواكه والنّقل، ويكثر النخيل فى المناطق الجنوبية. والمناخ فى جملته معتدل على السواحل وأحواض الأنهار إلا ما قد يميز بعض الجبال من البرودة الشديدة حتى لتتوجها الثلوج طول العام.

٢ -

التاريخ (١) القديم

تاريخ المغرب الأقصى موغل فى العصور السحيقة، وأخذ يتراءى على صفحات التاريخ مع ارتياد الفينيقيين لسواحل إفريقيا الشمالية أو بعبارة أخرى لسواحل البلاد المغربية منذ القرن التاسع قبل الميلاد وقبله وبعده للبحث عن مواقع غنية بطيبات الخيرات والسلع يرسون بها سفنهم ليتبادلوا مع أهلها وجوه التبادل التجارى المختلفة. وكانوا شعبا ملاحيّا متحضرا يحترف التجارة، وظلوا طويلا يحاولون التعرف على المواقع الملائمة لهم فى الساحل الإفريقى الشمالى: وبمرور الزمن ومع كثرة البحث أعجبهم موقع بالقرب من مدينة تونس الحالية أقاموا فيه مدينة قرطاجة، وسكنتها منهم جالية فينيقية كبيرة، أقامت بها دولة ظلت قرونا طويلة، وأخذوا يبحثون لتجارتهم عن أماكن أخرى صالحة لتبادل السلع، واختاروا فى الجزائر بونة وجيجل وإسكيكدة وبجاية وشرشال، ونشروا فيها جميعا حضارتهم الفينيقية، وعلموهم غرس الأشجار وبعض شئون الزراعة والرى، ونقلوا إليهم من موطنهم القديم فى الشام حول صور فى لبنان بعض أشجار الفاكهة والنقل. واتسعوا فى اتخاذ المواقع على سواحل البحر المتوسط الغربية لتكون مراكز لتجارتهم الواسعة، فاتخذوا موقعا على الساحل الجنوبى الشرقى لإسبانيا سمّوه «قرطاجنة» واتخذوا موقعا مماثلا فى الجنوب الغربى لإسبانيا سموه «قادس» ونما الموقعان وأصبحا مدينتين فينيقيتين كبيرتين، وكان طبيعيا أن يبحثوا عن مواقع مماثلة فى سواحل


(١) انظر فى التاريخ القديم للمغرب الأقصى كتاب تاريخ المغرب الكبير-الجزء الأول لمحمد على دبوز- (طبع القاهرة) وكتاب مدنية المغرب العربى للأستاذ أحمد صقر.

<<  <  ج: ص:  >  >>