للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يباع بثلاثين مثقالا وقال إنه قد يباع فى مالى بأربعين مثقالا، ومالى قريبة من تغازى فما بالنا بما يباع به فى أراضى السودان البعيدة. وقال الشنقيطى إن كل ما عند أهل السودان من الخيل والثياب والزروع والعبيد كانوا يبيعونه-أو يبادلونه-بالملح. ومما يأتى به بائع الملح من هناك القماش المعروف بالأكحال وأردية يسمونها «ديماس وديسة» وبنائق والفول المعروف عند المصريين بفول السودان وعند أهل الشام بالفستق وعند أهل الحجاز باللوز الهندى. وهذه هى التجارة العامة فى موريتانيا وتليها التجارة فى الصمغ، ويجنيه أهل القبلة من الأنحاء التى يكثر فيها القتاد أو الشوك وكذلك أهل الحوض. ولم يكن أهل موريتانيا يعرفون النقود فكانوا يتبادلون فى الكثير الأكثر القماش الذى يحتاجونه لملابسهم بالغنم، وكان الثلاثون ذراعا من القماش تسمى باسم البيصة، وهى الوحدة التى يرجعون إليها فى ثمن الأنعام والعبيد فيقولون مثلا هل تبيع هذا العبد أو ذلك البعير أو هذا الثور بعشر بيصات أو يقولون مثلا بكم أشترى بالبيصة من الغنم فيقال ثلاث أو أربع ونحو ذلك. وإذا كان البيع أو التبادل بين الأنعام بعضها وبعض فيقولون مثلا ثمن هذا البعير أربعة عجول من البقر أو ثمانية من الغنم.

وليس فى موريتانيا سوى صناعات أولية بسيطة، وكان فيها حدادون بسطاء يصنعون الفئوس والخناجر وآلات الحراثة، وكان بها دباغون يدبغون الفراء وجلود الأنعام، وبعض النساء كن يخطن ما يصنع من الجلود، وكان بينهم من يصنع أوانى الخشب، وكل تلك صناعات يدوية أولية.

[(د) حياة يدوية]

لم يكن فى موريتانيا حكومات منظمة، فقد كانوا لا يزالون يعيشون معيشة بدوية فى المدن التى أقاموها وسكنوها. ومثل قبائل البدو كان هناك سادة وشيوخ لعشائرهم يطيعونهم، وكانت القبيلة أو البلدة تتخذ لها قاضيا ترجع إليه فى قضاياها، وكانوا لا يرجعون إليه إلا فى المسائل الكبرى أو القضايا الكبرى كما إذا حدث قتل فكانوا يلجئون إليه للقصاص، وحتى فى هذه القضية الكبرى كان سادة القبائل أو كما يسميهم الشنقيطى أمراء القبائل لا ينفذون الحكم، أو يطيلون التنفيذ ليأخذوا الرشوة، ويقول: «ربما أوعز الأمير إلى القاضى ليحكم بما يهوى». وفى أحوال كثيرة لم يكن هناك قاض فكان المتنازعان يحتكمان إلى شخص ليستمع حججهما، وقد يطلب من المدعى الشهود، وتشترط العدالة فى الشاهد، وإذا حكم رضخ المدعى لحكمه إلا إذا أفتاه أحد العلماء بالخطأ فى الحكم، وربما ظلت القضية سنوات حتى يتفق رأى العلماء فيها.

وكان الزواج عندهم-ولا يزال-على مذهب الإمام مالك لأنهم مالكية مثل بقية بلدان المغرب، ومنهم من يأخذ الصداق كاملا ومنهم من يكتفى بنصفه، ومنهم من لا يأخذه البتة،

<<  <  ج: ص:  >  >>