يعانقها من دونى العقد وحده ... فيا عجبا يا قوم هل يقلق العقد
وقوله:
سألتنى ما حال قلبك بعدى ... ربّة البيت أنت بالبيت أخبر
وهو باب واسع عند ابن سناء الملك ويدل على شاعرية خصبة وأنه كان ما يزال يغوص وراء التصاوير حتى يأتى منها بفرائد عجيبة، مع حلاوة الأسلوب وعذوبته، مما يدل على أنه كان شاعرا مبدعا إلى أبعد حدود الإبداع. وسنعود إليه مرارا فى عرض موضوعات الشعر الأخرى سوى المديح.
ابن نباتة (١)
هو جمال الدين محمد بن شمس الدين محمد بن شرف الدين محمد، من سلالة عبد الرحيم ابن نباتة خطيب سيف الدولة المشهور، وقد غلبت عليه نسبته إليه. كان أبوه وجده من شيوخ الحديث، وقد ولد لأبيه بزقاق القناديل فى القاهرة، واختلف من ترجموا له فى سنة ولادته هل كانت سنة ٦٧٦ أو سنة ٦٨٦ وجمهورهم يؤكد أنه ولد فى السنة الأخيرة، غير أن هناك نصّا عنه يذكر فيه أساتذته أو شيوخه فى الأدب، ويذكر من بينهم محيى الدين بن عبد الظاهر المتوفى سنة ٦٩٢ وليس من المعقول أن يتتلمذ له ويأخذ عنه الأدب وهو فى الخامسة أو السادسة من عمره ولذلك كنا نرجح أنه ولد فى سنة ٦٧٦ على الأقل إن لم يكن قبيل ذلك. ويذكر مترجموه كثرة من شيوخه فى الحديث من بينهم أبوه وجدّه. وتنقل فى حلقات شيوخ الأدب وتفتحت موهبته الأدبية فى الشعر والنثر مبكرة. وكان كثير من العلماء فى مصر يبرحونها إلى دمشق والشام فى تلك الحقب. وبالمثل كان كثير من علماء الشام يبرحونها إلى مصر والقاهرة، ويبرح أبوه مصر إلى الشام
(١) انظر فى ابن نباتة وشعره الدرر الكامنة ٤/ ٣٣٩ وحسن المحاضرة ١/ ٥٧١ وطبقات الشافعية للسبكى ٩/ ٢٧٣ والوافى بالوفيات للصفدى ١/ ٣١١ والبداية والنهاية لابن كثير ١٤/ ٣٢٢ والنجوم الزاهرة ١١/ ٩٥ وشذرات الذهب ٦/ ٢١٢ والبدر الطالع ٢/ ١٥٢ وخزانة الأدب للحموى فى مواضع متفرقة وكتاب ابن نباتة المصرى لعمر موسى (طبع دار المعارف) والأدب فى العصر المملوكى لمحمد زغلول سلام (طبع دار المعارف) ٢/ ٢٢١ وطبع ديوانه قديما فى مصر وهو فى حاجة إلى طبعة محققة، ومنه مخطوطات كثيرة فى مكتبات العالم العربى والغربى