للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدور من حوله مدائحه وتهنئاته، من ذلك تهنئة لمفتى فاس عبد الواحد البوعنانى وسنخصه بكلمة. واستثاره عبد السلام جسوس إسماعيل حتى يسترد سبتة من يد الإسبان كما استرد العرائش، يقول (١):

رفعت منازل سبتة أقوالها ... تشكو إليكم بالذى قد هالها

فلقد قضيتم للعرائش حاجة ... مع طنجة فاقضوا لذى آمالها

إن لم تكونوا آخذين بثارها ... من ذا يفكّ من الوثاق حبالها

فابعث لها أهل الشجاعة عاجلا ... حتى تراهم نازلين جبالها

وليوسف بن محمد الشوذرى أرجوزة صور فيها معركة العرائش مشيدا فيها ببطولات المجاهدين، ومن قوله فى وصف الخطة الحربية (٢):

قد حلّ نصف الجيش أرض الساحل ... مقابل المرسى لمنع الداخل

ونصفه حلّ على سور البلاد ... طوّقها بأسرها طوق القلاد

لما رأى الكفّار ما أذهلهم ... وشدّة الأمر العظيم هالهم

وكان بالمرسى مراكب لهم ... موثوقة دارت بها حبالهم

ارتقبوا الليل وقد جنّ الظلام ... واختلسوا فى زورق مثل السهام

وهو يقول إنهم فرّوا ليلة خلسة فى زوارق حملتهم فى الظلام الدامس المعتم إلى سفنهم، فطاروا بها إلى المحيط فارين من وجه الموت المرعب المخيف. وحرى بنا أن نترجم لمن وعدنا بالترجمة لهم.

ابن (٣) زنباع

من أهل طنجة كما يقول القلقشندى، اختلف إلى الكتاب حتى حفظ القرآن، ثم شغف بحلقات العلماء حتى أتقن العلوم الدينية والعربية وعلومها البيانية واللغوية، وترجم له الفتح بن خاقان فى القلائد، ومن قوله فى التعريف به: «حوى العلوم وحازها، وتحقق حقائق العرب ومجازها، وروى قصائدها وأرجازها» وأضاف أنه عالم بالطب «موفق العلاج، واضح المنهاج». وقد يفهم من ذلك أنه توسع فى الاطلاع على علوم الأوائل واختار منها الطب فتعمقه كما تعمق الفقه والدراسات الدينية مما جعل دولة المرابطين تختاره قاضيا بطنجة كما اختارت


(١) الوافى ٣/ ٨٤١.
(٢) الوافى ٣/ ٨٤٥.

(٣) انظر فى ترجمة ابن زنباع وشعره القلائد (طبع تونس) ص ٢٥٩ وصبح الأعشى والوافى للأستاذ ابن تاويت ١/ ٣١ وما بعدها والنبوغ المغربى للأستاذ عبد الله كنون ١/ ١٠١ والتعريف بالقاضى عياض لابنه محمد، تحقيق د. بنشريفة (طبع الرباط).

<<  <  ج: ص:  >  >>