للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى وصف الورد وتهاديه ووصف شذاه العطر الذى يشفى القلوب الكليمة. وله أشعار مختلفة فى وصف اللهو والملاهى، ومن قوله فى وصف مجلس أنس (١):

الورد يضحك والأوتار تصطخب ... والنّاى يندب أشجانا وينتحب

والرّاح تعرض فى نور الربيع كما ... تجلى العروس عليها الدرّ والذهب

وقد مضى يصور نشوته بالراح وبالورد وبالغناء. وأنشدنا فى الفصل الماضى قطعة من وصفه لقصر من قصور المتوكل ونافورته العجيبة، وكذلك وصفه للعبة الشطرنج وله قصيدة جيدة فى وصف سفينة (٢).

وجعلته نكبته يكثر من التأمل فى الحياة وفى سلوك الناس وأخلاقهم وأصنافهم، مما جعل تجاربه تتسع وجعله ينثر منها كثيرا فى أشعاره من مثل قوله (٣):

ومن طلب المعروف من غير أهله ... أطال عناء أو أطال تندّما

ومن سامح الأيام يرض حياته ... ومن منّ بالمعروف عاد مذمّما

وواضح مما أسلفنا من أشعار ابن الجهم أنه لم يكن ممن يتكلفون فى أشعارهم ولا ممن يكثرون من ترصيعها بأصناف البديع وأصدافه، ومما لا ريب فيه أن ملكاته كانت خصبة، وكان كثيرا ما يلم بمعان دقيقة وصور طريفة مع سهولة الألفاظ ومع شفافيتها وصفائها ومع نصاعتها ورصانتها ومع جمال الجرس والأداء.

٢ - البحترى (٤)

هو أبو عبادة الوليد بن عبيد؛ طائىّ الأب شيبانىّ الأم غلب عليه لقب البحترى نسبة إلى عشيرته الطائية بحتر، ولد سنة ٢٠٤ للهجرة بمنبج إلى


(١) الديوان ص ١٠٥.
(٢) الديوان ص ١١٤.
(٣) الديوان ص ٢٠.
(٤) انظر فى البحترى وشعره الأغانى (طبعة الساسى) ١٨/ ١٦٧، والموشح للمرزبانى والموازنة بين الطائيين للآمدى، وطبقات الشعراء لابن المعتز ص ٣٩٤، ٤٥٨ والشريشى على مقامات الحريرى ١/ ٤٠ وعبث الوليد لأبى العلاء، وأخبار البحترى للصولى (طبع المجمع العلمى العربى بدمشق) -

<<  <  ج: ص:  >  >>