للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاهرة، واستولى عسكره على الرملة وبعض بلدان الشام. وأرسل إلى المعز يحثّه على القدوم إلى مصر فعزم المعز على المسير إليها، ورتّب شئون الدولة فى إفريقية، ورحل فى موكب ضخم فى شوال سنة ٣٦١ هـ‍/٩٧١ م ونزل القاهرة التى بناها له جوهر سنة ٣٦٢ هـ‍/٩٧٢ م وظلت مقر خلافته وخلافة الفاطميين من بعده إلى نهاية دولته، وكان محظوظا إذ أظلت خلافته البلاد العربية من الشام إلى السوس الأقصى.

(ب) الدولة الصنهاجية (١)

لما عزم المعز على الرحيل إلى مصر ونقل خلافتهم إليها فكر فيمن يولّيه على إفريقية، وكانت قبيلة صنهاجة البربرية قد أيدت دعوتهم بزعامة شيخها زيرى فى حرب الثائر الصّفرى مخلد بن كيداد، وكان لزيرى اليد الكبرى فى هزيمة مخلد وإنقاذ المهدية والقيروان منه وكافأه الخليفة المنصور على ذلك بتوليته على المنطقة الغربية فى الجزائر، وفيها أسس مدينة أشير ودفع ابنه بلكين إلى تأسيس ثلاث مدن: الجزائر ومليانة جنوبى شرشال والمدية إلى الجنوب منها، وكان بلكين ذا بأس وحزم وشجاعة ونجدة مع إخلاصه للعقيدة العبيدية وتفانيه فى نصرتها، فرأى المعز أن ينيبه عنه فى إفريقية، وأنزله القيروان وكناه أبا الفتوح يوسف، ولم يجعل له ولاية على طرابلس وصقلية، وكان حريا أن يضيف إليه صقلية خاصة لأنها بعيدة عن مصر ولن يستطيع نجدتها سريعا لا هو ولا عقبه، وأيضا فإنها تعدّ امتدادا لإفريقية التونسية فى البحر المتوسط وهى التى فتحتها وأدخلت بها سكانها والإسلام وحضارته فكان ينبغى أن يتركها لبلكين. وكان بلكين ثاقب البصيرة، فأخذ يعمل على إقامة دولة بربرية إسلامية فى الديار المغربية، وهى أول مرة فى التاريخ الإسلامى يتاح لبربرى من صميم أهل المغرب تأسيس دولة مغربية إسلامية، وكان الأمويون فى الأندلس يثيرون أهل فاس والمغرب الأقصى على العبيديين وواليهم بلكين، فقاد جيشا سنة ٣٦٨ هـ‍/٩٧٨ م لتأديب الخارجين على الدولة هناك، ودخل فاسا كما دخل أصيلا على المحيط الأطلسى. وتوفى سنة ٣٧٤ هـ‍/٩٨٤ م وخلفه فى ولايته ابنه المنصور ونشبت حروب بينه وبين أعمامه، وانهزموا ولحق بعضهم بالأندلس واتفق لهم-فى عهد الطوائف-أن أسسوا لهم مملكة بغرناطة، واشتبك فى حروب طويلة مع قبيلة زناتة، وأنهكته الحروب معها ومع أعمامه، فرأى أن ينسحب جنوده من المغرب الأقصى حتى يضع نهاية للحروب المستمرة مع زناتة، وقصر إمارته على إفريقية التونسية والجزء الشرقى من الجزائر حتى


(١) راجع فى تاريخ الدولة الصنهاجية البيان المغرب لابن عذارى والقسم الثالث من كتاب أعمال الاعلام لابن الخطيب وتاريخ ابن الأثير وابن خلدون ومعالم الإيمان فى معرفة أهل القيروان للدباغ وابن ناجى.

<<  <  ج: ص:  >  >>