والحماسة، وله قصيدة رائية فى ٢٢٥ بيتا فخر فيها فخرا مضطرما بمناقب أسلافه الحمدانيين وأيامهم فى الإسلام وما شادوه من إماراتهم فى الموصل وحلب. وشعره-بحق-يضرم الحميّة فى النفس العربية.
عرقلة (١)
هو حسان بن نمير الكلبى الدمشقى، ولد سنة ٤٨٦ وحفظ القرآن صغيرا ثم اختلف إلى حلقات العلماء، ولم تلبث ملكته الشعرية أن تفتحت، فغدا بشعره على أبواب حكام دمشق يمدحهم وينال جوائزهم. وكان لأسرة طغتكين نصيب كبير من مديحه، وخاصة آبق آخر حكامهم لدمشق قبل استيلاء نور الدين أمير حلب عليها. ويبدو أن الرحلة كانت محببة إليه، إذ نراه يرحل إلى حلب ويفقد إحدى عينيه فى تلك الرحلة، ولذلك لقبه معاصروه بعرقلة الأعور، ورحل إلى الموصل وبغداد ونزل فى قلعة جعبر ومدينتى آمد وماردين. وزار مصر وبقى بها مدة وتوثقت الصلة فيها بينه وبين الوزير طلائع بن رزيك وكان شيعيا أماميا، وله فيه طائفة من المدائح، ويذكر له فى إحدى مدائحه أنه شيعى قائلا:
أنا من شيعة الإمام حسين ... لست من سنّة الإمام يزيد
فهو ليس سنيّا ممن ارتضوا يزيد بن معاوية قاتل الحسين إماما لهم، بل هو شيعى من أنصار الحسين. وعاد إلى دمشق وكانت تابعة لنور الدين، وكان أيوب بن شاذى وأخوه أسد الدين شيركوه وابنه صلاح الدين فى مقدمة حاشية نور الدين ورجاله، وتولى بعضهم شئون دمشق وكان صلاح الدين على شرطتها فاتصل بهم يمدحهم وأسبغوا عليه عطاياهم، وكان خفيف الروح فقربوه منهم واتخذوه نديما لهم فى مجالس لهوهم وسمرهم. وكان صلاح الدين من بينهم يوده ويصادقه ويحضره مجالس أنسه. ووصفه العماد الأصبهانى حينئذ فقال: «لقيته بدمشق شيخا خليعا ربعة مائلا إلى القصر أعور مطبوعا حلو المنادمة لطيف النادرة معاشرا للأمراء، شاعرا مستطرف الهجاء، لم يزل خصّيصا بالأمراء السادة بنى أيوب ينادمهم ويداعبهم ويطايبهم قبل أن يملكوا مصر، والملك الناصر صلاح الدين يوسف أشغفهم بنكته، وأكلفهم بسماع نتفه، وله فيه
(١) انظر فى عرقلة الدمشقى وشعره الخريدة (قسم الشام) ١/ ١٧٨ وفوات الوفيات والنجوم الزاهرة ٦/ ٦٤ والشذرات ٤/ ٢٢٠ وقد طبع مجمع اللغة العربية بدمشق ديوانه.