للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلوبها ما دعم حضارتنا العربية دعما، بما أحدثوا من علوم وبما كتبوا من آثار عقلية رائعة وآيات شعرية خالدة.

[٣ - علوم الأوائل: نقل ومشاركة]

كان من أهم الأسباب التى دفعت إلى ازدهار الحركتين العلمية والأدبية لهذا العصر الاتصال الخصب المثمر بين الثقافة العربية الخالصة وبين ثقافات الأمم المغلوبة المستعربة وما طوى فيها من معارف وعلوم. وكان هذا الاتصال يأخذ منذ عصر بنى أمية طريقين: طريق المشافهة مع المستعربين وطريق النقل والترجمة وقد ظل الطريق الثانى ضيقا زمن الأمويين، إذ لا يعدو ما يذكر من أنه ترجمت لخالد بن يزيد بن معاوية بعض كتب فى الصنعة والطب والنجوم (١) وأن عمر بن عبد العزيز أمر بترجمة كتيب فى الطب لأهرن (٢) بن أعين وأن كتابا فى تاريخ الساسانيين ونظمهم السياسية ترجم لهشام (٣) بن عبد الملك. وقد مضت بيئات المستعربين العلمية تمارس نشاطها حينئذ، وكانت تمثلها الأديرة وما بها من حلقات علمية من المدارس متناثرة فى جنديسابور القريبة من البصرة وفى نصيبين وحرّان والرّها وأنطاكية والإسكندرية، وكانت تغلب عليها جميعا الثقافة اليونانية، كما كان يغلب عليها علماء السريان المسيحيين، وكانوا قد نشطوا منذ القرن الرابع الميلادى فى ترجمة الآثار اليونانية، واستمر نشاطهم فى هذه الترجمة محتدما حتى القرن التاسع، ومن أشهر مترجميهم قبل الإسلام يوحنا فيلوبونوس الإسكندرى المعروف باسم يحيى النحوى وكان يعيش فى القرن السادس الميلادى ونقل عن اليونانية كتبا كثيرة فى المنطق والطبّ والطبيعيات (٤). ومن أبرزهم فى العصر الأموى سويرس سيبوخت


(١) ابن النديم ص ٣٤٠ والبيان والتبيين ١/ ٣٢٨.
(٢) طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل (نشر المعهد العلمى الفرنسى بالقاهرة) ص ٦١.
(٣) انظر صفحات عن إيران لصادق نشأت ومصطفى حجازى (نشر مكتبة الأنجار بالقاهرة) ص ٨١.
(٤) انظر ابن أبى أصيبعة فى الجزء الثانى من القسم الأول (طبعة بيروت) ص ٦ وأخبار الحكماء للقفطى ص ٢٣٢ وعلوم اليونان وصل انتقالها إلى العرب لأوليرى (نشر مكتبة البضة المصرية) ص ٣٧، ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>