كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف

(ب) شعراء التصوف - ابن عربى - ج: 8 - ص: 363

ولا تنسيا أن تسألا سمر الهوى ... متى بات من سمر الأسنّة عاريا (١)

فعهدى به والماء ينساب فوقه ... سماء وماء الورد ينساب واديا

أقام على أطلالهم ضوء بارق ... من الحسن لا يبقى على الأرض ساليا

وهو يطلب من صاحبيه الوقوف بمنازل محبوبه القدسية: بالمحصب فى منى والحمى المكى ليصافح ببصره المغانى والمنازل وشجر الهوى والمحبة من الطلح الذى تعرّى من سهامه وأسنته. ويقول إن عهده به والمطر ينسكب عليه من فوقه وماء الورد يجرى من تحته والنفوس معلقة بما فى الأطلال من ضياء الحسن الذى لا يستطيع أحد أن يسلوه.

ويقول:

تمشّى والعيون له سوام ... وفى كلّ النفوس إليه حاجه (٢)

وقد ملئت غلائله شعاعا ... كما ملئت من الخمر الزّجاجه (٣)

وهو يتغزل بمحبوبه مستخدما لغة الحب الإنسانى كما استخدمها فى الأبيات السابقة، فقد رحل والعيون كلها متطلعة إليه، والنفوس جميعا مفتقرة إلى رؤيته، وقد ملئت غلائله الكونية بأشعته. ولابن العريف بجانب ذلك مدائح فى الرسول الكريم سننشد منها أطرافا. وقد توفى سنة ٥٣٦ للهجرة.

ابن (٤) عربى

هو أبو بكر محيى الدين محمد بن على بن عربى الطائى، ولد بمرسية سنة ٥٦٠ لأسرة تحظى بشئ من الثراء، وانتقل به أبوه فى صباه إلى إشبيلية، وبها نشأ نشأة علمية حفظ فيها القرآن الكريم، ودرس على أحد تلامذة مدرسة ابن حزم المذهب الظاهرىّ فى الفقه، كما درس الحديث النبوى على شيوخه والآداب على معلميها وكتب لبعض الولاة، وتزوج بمريم بنت محمد بن عبدون الباجى، وكانت صالحة ورعة، فدفعته نحو الزهد والتقشف

---

(١) السّمر: شجر الطلح.
(٢) سوام: شاخصة ومتطلعة.
(٣) الغلائل: جمع غلالة: الثوب الرقيق.

(٤) انظر فى ابن عربى التكملة رقم ١٠٢٣ وميزان الاعتدال للذهبى ٣/ ١٠٨ ونفح الطيب ٢/ ١٦١ والبداية والنهاية لابن كثير ١٤/ ٤٩ والعقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين (طبع القاهرة) ٢/ ١٦٠ والكتاب التذكارى لمحيى الدين بن عربى فى ذكراه؟ ؟ ؟ المئوية الثامنة لميلاده (نشر وزارة الثقافة المصرية) وابن عربى: حياته ومذهبه لآسين بلاسيوس ترجمة الدكتور عبد الرحمن بدوى (طبع القاهرة) وبالنثيا ص ٣٧١ وما بعدها.