للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى لتكاد تسقط منه بعض مقطوعاته، لما يجرى فيها من ضعف، وحتى ليقول صاحب الأغانى إنه كثير الساقط المرذول (١). وينبغى أن لا نبالغ مبالغة أبى الفرج، فقد كانت لأبى العتاهية أذن موسيقية دقيقة وقلما نجد عنده قافية غير متمكنة فى موضعها أو كلمة لم تحلّ فى نصابها، إذ كان الشعر عنده طبعا أو كالطبع (٢)، حتى كان لا يسمع كلمة من مناد على بضاعة أو من بعض جلسائه تصلح أن تكون شطرا لبيت حتى يبادر بصنع الشطر الثانى توّا على البديهة (٣). وبلغ من اقتداره على صنع الشعر وسهولته على لسانه أن اخترع-كما أسلفنا فى الفصل السابق-أوزانا جديدة لا تدخل فى بحور الشعر المستعملة، وكان إذا روجع فى ذلك وقيل له إن أشعارك لا تدخل فى عروض الخليل قال: أنا أكبر من العروض (٤) يريد أن الشعر يجرى على لسانه قبل أن يضع الخليل عروضه، وهو لذلك أسنّ منه، ولا نشك فى أن ديوانه لو وصلنا كاملا لاستخرجنا منه أوزانا كثيرة طريفة ابتكرها ابتكارا، غير أن نبع الشعر عنده كان غزيرا، فكثر ما نظمه ولم تستطع الأجيال التالية أن تحمله تامّا لكثرته.

٤ - مسلم (٥) بن الوليد

ولد فى الكوفة حوالى سنة ١٤٠ للهجرة لأب كان يشتغل بالحياكة، واختلفت المصادر القديمة فى تصحيح نسبته، فقيل إنه خزرجى من الأنصار، وقيل بل هو من مواليهم، وهو القول الصحيح، ويشهد له أنه كان من الصنّاع، ولم يكن العرب يقبلون على الصناعات حتى هذا التاريخ. وفى أخبار مسلم وأشعاره ما يدل على أنه كان شيخا صالحا، وأغلب الظن أنه كان من موالى الفرس، وولد قبل


(١) أغانى ٤/ ٢ وانظر رأى الأصمعى ص ٤٠.
(٢) أغانى ٤/ ١٣ والبيان والتبيين ١/ ١١٥.
(٣) أغانى ٤/ ٣٩ والحيوان ٥/ ١٣٧.
(٤) أغانى (دار الكتب) ٤/ ١٣.
(٥) انظر فى أخبار مسلم وأشعاره الشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٨٠٨ وطبقات الشعراء لابن المعتز ص ٢٣٥ وتاريخ بغداد ١٣/ ٩٦ وترجمته بالأغانى الملحقة بديوانه وكذلك بقية المصادر الملحقة بنشرة سامى الدهان للديوان (طبع دار المعارف) وراجع مسلم بن الوليد لفؤاد ترزى (طبع بيروت).

<<  <  ج: ص:  >  >>