للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوب إلى ربه مستغفرا من خطيئاته وذنوبه. ويقول له يكفيك من دنياك القوت الكفاف، وإذا حصلت عليه لا تتعلق من الدنيا بشئ فكل ما فيها هالك وفان، والسعادة إنما هى لأهل الجنة ولله البقاء والدوام.

وفى الديوان أشعار كثيرة على طريقة لزوم ما لا يلزم. ومر بنا أن الصفدى قال إن له فيها ديوانا كبيرا. وقد عرض له الحموى فى خزانته طائفة من تورياته وطائفة أخرى من أشعاره وافرة النغم حسنة الجرس والاداء.

محمد (١) بن سوّار

هو محمد بن سوّار بن إسراءيل بن الخضر الشيبانى الدمشقى المولد والدار والوفاة، ولد سنة ٦٠٣ للهجرة. وتوفى سنة ٦٧٧. وبدأ بحفظ القرآن الكريم مثل لداته من الناشئة، واختلف إلى حلقات الشيوخ، ويبدو أنه شغف بالتصوف منذ أوائل حياته، ونظن ظنا أنه لزم ابن عربى المتوفى بدمشق سنة ٦٣٨ غير أن مترجميه يقولون إنه لزم على بن الحسين الحريرى المتصوف المتوفى سنة ٦٤٥ ومما يشهد لقولهم مرثيته له، وهو فيها يبكيه بكاء حارا بمثل قوله:

خطب كما شاء الإله جليل ... ذهلت لديه بصائر وعقول

ويعمّ بالخطب كل قطر ويزعم أن الحقائق الصوفية أصبح عليها ذلة وخمول وأن السالكين إلى التصوف غوى نهجهم وضلوا السبيل وسدل الحجاب الإلهى دون أبصار المتصوفة وختمت دنان خمر الحب الربانى. وإذا رجعنا إلى الحريرى عند من ترجموا له وجدنا فقهاء دمشق يفتون بقتله- كما أفتى فقهاء حلب بقتل السهروردى-لما اشتهر عنه من الإباحة وقذف الأنبياء والفسق وترك الصلاة، مما يجعلنا نظن ظنا أنه يتأثر السهروردى المقتول. ويبدو أن ملازمة ابن سوار للحريرى لم تؤد به إلى انحرافات، والسبب فى ذلك أنه كان متصوفا حقا، إذ يقولون إنه تجرّد ولبس المرقعات الصوفية ورحل فى البلاد على قدم الفقر والتصوف. ولقى-فيمن لقى-شهاب الدين السهروردى الصوفى السنى البغدادى وسمع عليه وأجلسه فى ثلاث خلوات. ولقى أيضا ابن الفارض متصوف


(١) انظر فى محمد بن سوار وشعره وأخباره فوات الوفيات ٢/ ٤٣١ والنجوم الزاهرة ٧/ ٢٨٢ وشذرات الذهب ٥/ ٣٥٩ والوافى ٣/ ١٤٣ وراجع ترجمة على بن الحسين لحريرى فى الفوات ٢/ ٨٨ وكذلك ترجمة محمد بن عبد المنعم الخيمى فى الفوات ٢/ ٤٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>