مصر المشهور، ويذكر الرواه لذلك قصة هى أن ابن سوار حجّ، فرأى ورقة ملقاة فيها قصيدة- وكانت لابن الخيمى المتصوف المصرى تلميذ ابن الفارض-فادعاها لنفسه، فراجعه ابن الخيمى وعبثا حاول أن يقنعه، فتحا كما إلى ابن الفارض فطلب إلى كل منهما أن ينظم قصيدة على نفس الوزن والروى، وكانت القصيدة بائية، فنظم كل منهما على غرارها قصيدة، فحكم ابن الفارض بأن القصيدة لابن الخيمى.
ولم نصل بين ابن سّوار والسهروردى البغدادى لأنه كان سنى التصوف وتصوف ابن سوار فلسفى ويتصل مباشرة بتصوف ابن عربى وما فيه من فكرة وحدة الوجود، ولذلك وصلناه به، كما يشهد بذلك شعره من مثل قوله:
إن أمّ صحبى سمرا أو أراك ... فإنما مقصدهم أن أراك
وإن ترنّمت بذكر الحمى ... فإنما عقد ضميرى حماك
وإن بكى صبّ حبيبا فما ... أحسب إلا أنه قد بكاك
ملأت كلّ الكون عشقا فما ... أعرف قلبا خاليا من هواك
فصحبه إن أمّوا به شجر السّمر والأراك فمقصدهم أن يرى ربه محبوبه الذى يحل فى كل مكان، وهو حين يذكر فى غزله الحمى إنما يريد حماه، بل إن كل من بكى حبيبا إنما يبكيه لأنه يحلّ فى جميع الأشخاص والأشياء، فما يعشق الناس شخصا أو شيئا إلا ويعشقونه، وكأن كل شئ مرآة له، إذ يتراءى فى كل الوجود. ويقول من قصيدة ثانية:
يا من يشير إليهم المتكلّم ... وإليهم يتوجّه المتظلّم
وعليهم يحلو التأسّف والأسى ... ويلذّ لوعات الغرام المغرم
هذا الوجود وإن تعدّد ظاهرا ... وحياتكم ما فيه إلا أنتم
وإذا نطقت ففى صفات جمالكم ... وإذا سألت الكائنات فعنكم
وإذا سكرت فمن مدامة حبّكم ... وبذكركم فى سكرتى أترنّم
وإذا نظمت تغزلا فى صورة ... فلأجل حسنكم المحجّب أنظم
أنتم حقيقة كلّ موجود بدا ... ووجود هذى الكائنات توهّم
والأبيات صريحة فى أنه مؤمن بوحدة الوجود. فالله يحل فى الوجود جميعه، وكل ما فيه من