للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الله الأقطع، ويتم فتح صقلّية، ويدمر أسطول المتوكل بقيادة أحمد بن دينار أسطول البيزنطيين. وزار المتوكل الشام فى آخر سنة ٢٤٣ ودخل دمشق وأعجبته، وبنى له قصرا بالغوطة وعزم على المقام بها ونقل دواوين الخلافة إليها. ويفطن قواده من الترك إلى مأربه، وأنه يريد التخلص منهم، فطالبوا برواتبهم حتى يضطروه إلى العودة إلى سامّراء عاصمته فى العراق. ونزل على إرادتهم، وبارح دمشق سريعا. وربما كان من أهم ما خلفه عصر الولاة العباسيين بالشام كثرة العناصر الفارسية التى دخلته بين ولاة وقضاة وعلماء وفقهاء مختلفين.

[(د) الطولونيون-القرامطة]

١ - الطولونيون (١)

كان أحمد بن طولون تركى الأصل خدم العباسيين وولى مصر فأنشأ بها الدولة الطولونية محققا لها نوعا من الاستقلال الذاتى، وكان قد ولى إمرة الثغور وجاهد فى سبيل الله.

ويقول مؤرخوه إنه نشأ يعنى بالفقه مع كثرة الدرس وطلب العلم، وكان يقول: ينبغى للرئيس أن يجعل اقتصاده على نفسه وسماحته على من يقصده ويشتمل عليه، فإنه يملكهم ملكا لا يزول به عن قلوبهم، وقد غم الرخاء مصر منذ وليها فى سنة ٢٥٤ ويقال إنه كان يتصدق فى كل يوم بمائة دينار غير ما كان يرسله إلى الشام والعراق والحجاز. ومنذ توليه مصر وضع نصب عينيه الاستيلاء على الشام، ولم يكن ذلك غائبا عن فكر الموفق القائم على تدبير دولة أخيه المعتمد، غير أنه كان مشغولا بثورة الزنج والقضاء عليها، وانتهز ابن طولون الفرصة بعد موت والى دمشق سنة ٢٦٤ وأناب عنه بها مولاه لؤلؤا ولم يلبث فى سنة ٢٦٨ أن أظهر الخلاف عليه وضرب نقودا باسمه وكاتب الموفق ليرسل إليه جيشا يفتح به مصر. وخشى ابن طولون أن يهم الموفق بتلبيته، فأرسل إلى الخليفة المعتمد وكان كالمحجور عليه يرغبه فى الرحيل إليه بمصر، وتوجه إلى سوريا كى يكون فى استقباله. وعزم المعتمد على اللحاق به وتنبه الموفق، فحال بينه وبين الرحيل عن العراق. ومضى ابن طولون يغاضب الموفق فقطع اسمه من الخطبة يوم الجمعة بمصر والشام إذ كان يذكر فيها وليا


(١) راجع فى هذه الدولة كتب التاريخ السالفة فى أول الفصل وسيرة أحمد بن طولون للبلوى ودائرة المعارف الإسلامية وتاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان ص ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>