للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويريد بالغزالة الشمس وبنرجس الظلم النجوم. ولم يكن ماجنا مثل ابن قسيم، ولا ندرى هل كان يشرب الخمر حقا أو كان ينظم فيها محاكاة لمدمنيها تظرفا. ومن طرائفه فى الرياض قوله

بعث النسيم رسالة بقدومه ... للروض فهو بقربه فرحان

ولطيب ما قرأ الهزار بشدوه ... مضمونها مالت له الأغصان

والهزار: طائر حسن الصوت يشتهر بلحونه الكثيرة. وواضح ما فى ميل الأغصان لسماع شدو الهزار من عنصر المفاجأة، وكل مقطوعات تميم تقوم على هذا العنصر وما يحدث فى النفس من هزة الارتياح والسرور لسماع مثل هذه المفاجآت الكثيرة عنده، وقد أنشد منها صاحبا الفوات والخزانه بدائع كثيرة.

ابن (١) النقيب

هو عبد الرحمن بن محمد الحسينى الملقب بابن النقيب، ولد فى دمشق سنة ١٠٤٨ للهجرة لأبيه النقيب الشريف، وعنى بتربيته، فحفظ القرآن الكريم، واختلف إلى شيوخ أيامه بالإضافة إلى أبيه وما كان يلقنه من اللغة والحديث. وتفتحت موهبته الشعرية مبكرة، واتجه بها إلى وصف الطبيعة ومجالس الأنس والغزل مع الإلمام بالمديح، ولم يكن فى حاجة إلى تكسب به، ولذلك يمكن أن تعد مدائحه فى باب الإخوانيات، وهى ليست الجوهر فى ديوانه المنشور، إنما الجوهر فتنته بالطبيعة الدمشقية ومتنزهاتها وبجمال الدمشقيات ووصف الراح من خلال الطبيعة الفاتنة.

ويقول المحبى «ما أذكره له تشبيه زهر (حسان) أو زهر، أو وصف روض مطلّ على نهر، وهو ممن أغرى بهذين النوعين، وذلك أما لميل غريزى فى فطرته، أو لأن دمشق متروّح فكرته». ولم يطل به الدهر بين هذه المفاتن التى كانت تخلب لبه. فقد توفى فى الثالثة والثلاثين من عمره سنة ١٠٨١ للهجرة. ومن قوله فى نهر وروض على حافتيه:

النّهر يصدا بهاتيك الظلال كما ... يصدا من الغمد حدّ الصارم الذّكر

والزّهر يفرش فى شطّيه ما رقمت ... فيها السحائب من ريط ومن حبر

ربيعة الوشى لا ينفكّ زبرجها ... يجلو لنا من حلاها أحسن الصّور (٢)


(١) انظر فى ابن النقيب وشعره خلاصة الأثر ٢/ ٣٩٠ ونفحة الريحانة ٢/ ٣٤ وديوانه (طبع المجمع العلمى العربى فى دمشق) وانظر مقدمتى أحمد الجندى وخليل مردم للديوان.
(٢) الزبرج: الحلية من الوشى أو الجوهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>