للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينهزم حسان ويقتل فى المعركة صالح وابنه الأصغر، ويخلفه ابنه شبل الدولة نصر. وطمع صاحب أنطاكية فى حلب، وجمع لها الجموع وأحاط بها وقاتل أهلها، ولم يلبث نصر أن خرج إليه وفتك بمعظم جنوده وفر على وجهه وغنم منه نصر عسكره وأموالا عظيمة. وتوفى نصر سنة ٤٢٩ وخلفه أخوه ثمال وخضع للفاطميين وتوفى سنة ٤٥٤. ونشب خلاف بعده على حكم البلدة بين أخيه عطية وبين محمود بن نصر واصطلحا. وتخلص حلب لمحمود منذ سنة ٤٥٧، ويواقع الروم ويهزمهم ويراسل ألب أرسلان السلجوقى ويستقر بينهما الأمر على إعادة الدعوة العباسية والخضوع للسلاجقة. وفى أيامه قاد ألب أرسلان حملة مظفرة ضد دولة الروم الشرقية وأسر إمبراطورها «رومانوس ديوجين» سنة ٤٦٢ وفدى الإمبراطور نفسه بمليون دينار، على نحو ما مرّ بنا فى حديثنا عن السياسة بالعراق فى الجزء السابق من عصر الدول والإمارات. وظل محمود أميرا لحلب حتى سنة ٤٦٧ وأعاد بها ذكرى الحركة الأدبية التى أحدثها بها سيف الدولة، فالتف حوله كثير من الأدباء والشعراء، وخلفه ابنه نصر وكان محبوبا من الحلبيين غير أن الموت اختطفه سريعا بعد نحو عام من ولايته، وجاء فى إثره أخوه سابق حتى نهاية سنة ٤٧٢ إذ سلم البلدة لمسلم بن قريش العقيلى صاحب الجزيرة فبقيت معه نحو خمسة أعوام وتسلمها منه السلاجقة.

(ج‍) السلاجقة (١)

مر بنا فى حديثنا عن العراق بالجزء الخامس من تاريخ الأدب العربى حديث مفصل عن السلاجقة واستيلائهم على دفّة الحكم فى خراسان وإيران والعراق، وقد أنزل ألب أرسلان بإمبراطور بيزنطة هزيمة ساحقة كانت إرهاصا قويا لزوال الحكم البيزنطى من آسيا الصغرى كما حدث فعلا. وكان طبيعيّا أن يفكر ألب أرسلان وابنه ملكشاه فى الاستيلاء على الشام، وسرعان ما ظهر فى سنة ٤٦٣ أتسز بن أوق الخوارزمى فى فلسطين واستولى على الرملة وبيت المقدس، وفى سنة ٤٦٨ استولى على دمشق، وبذلك أصبح أكثر الشام تابعا للسلاجقة. حتى إذا كانت سنة ٤٧٢ تسلم تتش بن ألب أرسلان من أتسز دمشق وأصبح نائبا فيها لأخيه ملكشاه، وافتتح فى سنة ٤٧٤ أنطرطوس على ساحل البحر المتوسط، وهى أول أعمال حمص، ولم يلبث أن استولى على


(١) راجع فى سلاجقة الشام كتب التاريخ العام وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسى وانظر فى أتسز تاريخ دمشق لابن عساكر ٢/ ٣٣١ وفى تتش ابن عساكر ٣/ ٣٤٠ وفيه وفيمن وليها بعده حتى استيلاء نور الدين عليها ابن خلكان ١/ ٢٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>