للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالسعادة فى رأيه ليست فى الدنيا وأموالها ومتاعها الزائل، وإنما هى فى الآخرة ونعيمها ومتاعها الخالد الذى لا ينال إلا بالتقوى، فهى السعادة الحقيقية.

ومعنى ذلك أن الإسلام لم يظل بعيدا عن روح الحطيئة، بل أخذ يرسل فيها مثل هذه الإشعاعات النيرة.

٦ - النابغة (١) الجعدىّ

هو عبد الله (٢) بن قيس من بنى جعدة العامريين، ولد بالفلج جنوبى نجد، ولما شبّ اضطرب فيما يضطرب فيه قومه من حروب، ويقال إنه ظل ثلاثين عاما فى الجاهلية لا ينطق الشعر ثم تفجّر على لسانه، فسمّى النابغة لنبوغه فيه بأخرة، ويقال إن نبوغه فيه إنما كان فى الإسلام.

والنابغة الجعدى فى جاهليته مثل لبيد يتغى بمفاخر قومه وانتصاراتهم فى حروبهم ويهجو خصومهم وخاصة بنى أسد الذين قتلوا أخا له فى بعض حروبهم مع قبيلته، وقد بكاه كثيرا، ومن بكائه فيه قصيدته التى يؤبّنه فيها بقوله (٣):

فتى كملت أخلاقه غير أنه ... جواد فما يبقى من المال باقيا

فتى تمّ فيه ما يسرّ صديقه ... على أنّ فيه ما يسوء الأعاديا

ويقال إنه كان يفد بشعره على اللخميين فى الحيرة. ولما أخذت وفود العرب تفد على الرسول صلى الله عليه وسلم معلنة إسلامها وفد عليه مع قومه سنة تسع للهجرة وأنشده قصيدة يقول فيها:


(١) انظر فى ترجمة النابغة: الشعر والشعراء ١/ ٢٤٧ وابن سلام ص ١٠٣ وما بعدها والأغانى (طبعة دار الكتب) ٥/ ١ وما بعدها وأسد الغابة ٥/ ٢ والاستيعاب ص ٣٢٠ والإصابة ٦/ ٢١٨ وأمالى المرتضى ١/ ٢٦٣ والمعمرين ص ٦٤ والخزانة ١/ ٥١٢ والموشح ص ٦٤. وقد جمعت ماريا نالينو أشعاره ونشرتها فى روما سنة ١٩٥٣.
(٢) اختلف المؤرخون فى اسمه هل هو عبد الله ابن قيس أو قيس بن عبد الله أو حبان بن قيس.
(٣) الشعر والشعراء ١/ ٢٥٢ والديوان ص ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>