للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنبغى فوق ذلك مظهرا

فقال له الرسول الكريم: فأين المظهريا أبا ليلى؟ فأجابه: الجنة. وأعجب الرسول بشعره ومنطقه، فقال له: لا يفضض الله فاك (١).

ويظنّ أنه لم يرجع مع قومه إلى منازلهم، بل أقام فى المدينة مهاجرا، حتى إذا كانت الفتوح خرج مع العرب ميمما نحو الشرق والفرس مجاهدا فى سبيل الله ونشر الدعوة المحمدية. وقد أخذ يضيف إلى رائعته التى أنشدها الرسول أبياتا كثيرة، تصور حياته فى الإسلام وابتغاءه رضوان الله بجهاده وتقواه جميعا يقول (٢):

أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا (٣)

وجاهدت حتى ما أحسّ ومن معى ... سهيلا إذا مالاح ثمّت غوّرا (٤)

أقيم على التقوى وأرضى بفعلها ... وكنت من النار المخوفة أوجرا (٥)

وعاد إلى المدينة وتشوّق إلى منازل قومه فى البادية، فاستأذن عثمان فى الإلمام بهم فأذن له، حتى إذا نشبت الحروب بين على ومعاوية وجدناه فى صفوف على بصفّين، يرجز بخصومه وينظم الأشعار فى مديحه وهجاء معاوية من مثل قوله (٦):

قد علم المصران والعراق ... أن عليّا فحلها العتاق (٧)

إن الألى جاروك لا أفاقوا ... لهم سياق ولكم سياق

قد علمت ذلكم الرّفاق ... سقتم إلى نهج الهدى وساقوا

إلى التى ليس لها عراق ... فى ملّة عادتها النّفاق (٨)


(١) أغانى ٥/ ٨
(٢) أغانى ٥/ ٩ والديوان ص ٣٣ وما بعدها.
(٣) المجرة: مجموعة من النجوم الصغيرة ينتشر ضوءها فيرى كأنه بقعة بيضاء.
(٤) غور النجم: غاب.
(٥) أوجر: خائف.
(٦) أغانى ٥/ ٣١ والديوان ص ١٣٣.
(٧) المصران: الكوفة والبصرة. العتاق: الكريم.
(٨) التى ليس لها عراق: التى لا تعرف لها غاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>