هذا الجزء من تاريخ الأدب العربى خاص بالأندلس فى عصر الدول والإمارات ويشتمل على خمسة فصول، أولها يتناول تاريخها السياسى منذ فتح العرب لديارها سنة ٩٢ هـ/٧١١ م إلى خروجهم منها سنة ٨٩٧ هـ/١٤٩٢ م مع عرض لتكوين مجتمعها وظواهره وما تسرّب إليه من تشيع وسرى فيه من زهد وتصوف. ويوضح الفصل كيف أن أسس الحضارة الأندلسية تكاملت منذ عهد الأمير الأموى عبد الرحمن الأوسط (٢٠٦ هـ/٨٢٢ م-٢٣٨ هـ/٨٥٢ م) وكانت قد استقرت منها ثلاثة أسس قبله، هى أسس الدين الحنيف والعربية والعلوم بشعبها اللغوية والدينية، وضمّ عبد الرحمن الأوسط إلى هذه الشعب شعبة علوم الأوائل من الرياضيات وغير الرياضيات، وأرسى فى تلك الحضارة قواعدها المادية عن طريقين: طريق زاوله بنفسه، إذ شغف باقتناء أدوات الترف والتحف المشرقية، وجاراه الأندلسيون فى هذا الشغف، وطريق زاوله مغنيه زرياب تلميذ إسحق الموصلى الوافد على قرطبة فى أول عهد عبد الرحمن إذ سنّ للمجتمع الأندلسى سننّا ظلت راسخة فيه، سننّا عمت المأكل والملبس وما يتصل بهما من هيئة الأندلسيين رجالا ونساء وما يتخذون من صور التزين. وأرسى عبد الرحمن قواعد الحكم متخذا له مجلس وزراء يدير شئون الدولة ومصالح الرعية على نحو ما نعرف الآن من مجالس الوزراء فى الأمم المتحضرة. وقد استطاع زرياب إرساء أسس فنية قويمة لنهضة موسيقية رائعة كان لها-فيما بعد-تأثير واسع فى الموسيقى الإسبانية والأوربية.
وحظيت المرأة فى هذا المجتمع الأندلسى بمكانة رفيعة لم تحظ بها أختها المشرقية.
ويوضح الفصل الثانى كيف أن إيبيريا-قبل الفتح العربى-لم يكن لها دور حضارى بارز فى الحضارة العالمية، والعرب هم الذين أتاحوا لها-حين استوطنوها-أن تنهض بدور عظيم فى هذا المضمار، ويعرض الفصل نشوء الحركة العلمية الأندلسية