للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أ) البهلول (١) الطرابلسى

هو أحمد بن الحسين الملقب بالبهلول، ولد بطرابلس حوالى منتصف القرن الحادى عشر الهجرى وتوفى سنة ١١١٣ هـ‍/١٧٠٢ م ولما نهل من حلقات الشيوخ فى مسقط رأسه، وعبّ منها ما شاء، رأى أن يرحل إلى القاهرة للتزود من أعلام الأزهر الشريف وظل فترة به ملازما حلقتى إمامى المالكية فيه: الشيخ محمد الخرشى والشيخ عبد الباقى الزرقانى، ولكل منهما شرح على مختصر الشيخ خليل بن إسحاق فى الفقه، والشيخ خليل-بدوره-فقيه مالكى مصرى، وقد طارت شهرة مختصره فى البلاد المغربية إلى اليوم، وتفتحت موهبة البهلول-حينئذ- فأنشأ قصيدة يتشوق فيها إلى موطنه طرابلس، وفيها يقول:

طرابلس الغرّاء ترى لى عودة ... إليك وهل يدنو الذى كان قد ذهب

سقى الجانب الشرقىّ منك سحابة ... ولا زال فيك من رياح الصّبا مهبّ

بديعة حسن زادها الله بهجة ... وآمن أهليها من الخوف والشّغب

وكيف بدار قد حوت كلّ رقعة ... بقوم لهم فى العلم باع وفى الأدب

ورجع إلى طرابلس بعلم غزير وأدب وفير وملكة شعرية خصبة، ولم يسخّرها فى مديح حكام بلده، وإنما سخّرها فى مديح صفوة الخلق سيد ولد آدم محمد صلّى الله عليه وسلّم، ونظم فى ذلك ديوانا، قصائده مخمّسات موزعة على الحروف الهجائية، وأضاف إلى تلك الحروف الثمانية والعشرين: «لا» فأصبحت تسعة وعشرين حرفا، ولكل حرف قصيدته وهو قافيتها وكل قصيدة تتألف من عشرين دورا، أو قل كل مخمس، وقد عرف شعراء المغرب والأندلس بهذه المخمسات العشرينية، وعلى شاكلتهم ألف البهلول أو نظم هذا الديوان، ويقال إنه نظم مخمساته على أساس قصيدة عياضية، وهى لا توجد بين قصائد القاضى عياض إمام مدينة سبتة المشهور وربما كانت لعياض آخر، إذ يتسمى باسمه كثيرون بين مغاربة وأندلسيين، وأول دور فى المخمس الأول يجرى على هذا النمط:

أذوب اشتياقا والفؤاد بحسرة ... وفى طىّ أحشائى توقّد جمرة

متى ترجع الأحباب من طول سفرة ... أحبّة قلبى علّلونى بنظرة

فدائى جفاكم والوصال دوائى


(١) انظر فى البهلول ديوانه ومقدمته لمحققه: الطاهر الزاوى وكتابه أعلام ليبيا، والمنهل العذب لأحمد النائب الأنصارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>