للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو لا يأكل من كيسه، بل يخزن المال ولا يرى سرورا إلا فى خزنه، ولم يشاهد أحد له دخانا يعلو مطبخه، فدخانه دائما يعلو وجهه، تعبيس ما بعده تعبيس. ويقول فى النهى عن اتخاذ الأولاد والاقتناع بالوحدة:

ما للمعيل وللمعالى إنما ... يسعى إليهنّ الوحيد الفارد

فالشمس تجتاب السماء وحيدة ... وأبو بنات النّعش فيها راكد

وبنات النعش نجوم معروفة فى السماء لا تكاد تريم، تشاهد بالقرب من القطب الشمالى ويدعوه أباها. وله فى الشكوى أشعار مختلفة منها قوله يشكو من مقامه بمدينة الرّىّ دون طائل:

ضعت بأرض الرّىّ فى أهلها ... ضياع حرف الراء فى اللّثغه

صرت بها بعد بلوغ المنى ... يعجبنى أن أبلغ البلغه (١)

ولعل فى كل ما قدمنا ما يصور شاعرية أبى الفرج بن هندو وبراعته فى نظم الشعر والإتيان فيه، وخاصة فى الغزل، بالصور والمعانى الطريفة المبتكرة.

أبو الفضل (٢) الميكالى

هو عبيد الله بن أحمد من آل ميكال وجهاء نيسابور، وطالما عملوا مع السامانيين فى دواوينهم وولاة لهم على بعض البلدان، ومرّ بنا تنويه الثعالبى بهم، وفى أبى الفضل يقول:

«الأمير أبو الفضل عبيد الله بن أحمد يزيد على الأسلاف والأخلاف من آل ميكال زيادة الشمس على البدر، ومكانه منهم مكان الواسطة من العقد وما على ظهرها اليوم أحسن منه كتابة وأتم بلاغة. ثم يورد الثعالبى قول بعض الشعراء فى وصف بلاغته وحسن بيانه على هذا النمط:

لك فى المحاسن معجزات جمّة ... أبدا لغيرك فى الورى لم تجمع

بحران: بحر فى البلاغة زانه ... شعر الوليد وحسن حفظ الأصمعى (٣)

وإذا تفتّق نور شعرك ناضرا ... فالحسن بين مرصّع ومصرّع

أرجلت فرسان القريض ورضت أف‍ ... رلس البديع وأنت أمجد مبدع (٤)

وليست عندنا معلومات واضحة عن حياة أبى الفضل، ويذكر ابن خلكان أنه دخل


(١) البلغة: ما يكفى لسدّ الحاجة.
(٢) انظر فى أبى الفضل اليتيمة ٤/ ٣٥٤ وفوات الوفيات ٢/ ٥٢ وابن خلكان ٣/ ٢٠٢، ٥/ ١٠٩
(٣) الوليد: البحترى
(٤) أفراس: ج فرس، فرسان: ج فارس.

<<  <  ج: ص:  >  >>