أخذت العربية تغزو موريتانيا مبكرة على ألسنة بنى وارث الصنهاجيين منذ أسلموا على يد عقبة بن نافع (٥٠ هـ/٦٧١ م-٥٥ هـ/٦٧٥ م) وأخذ الإسلام ينتشر بين الصنهاجيين فى صحراء موريتانيا لعهد موسى بن نصير (٨٦ هـ/٧٠٥ م-٩٦ هـ/٧١٥ م) وأخذ يتسع انتشاره بين القبائل الصنهاجية الصحراوية فى القرون الهجرية الثانى والثالث والرابع. وكان يعتمد حينئذ على الصلوات الخمس وما يتلى فيها من القرآن، وما يتلوه الشيوخ فى المساجد من القرآن الكريم والحديث النبوى.
وكانت القبائل الصنهاجية تعتنق الإسلام فى تلك القرون أو تأخذ فى اعتناقه، غير أنها لم تتداول العربية فى لغتها اليومية، إنما كانت تتداول لغتها البربرية، حتى إذا كانت حركة عبد الله بن ياسين المارة منذ سنة ٤٣٠ هـ/١٠٣٨ م أخذت القبائل الصنهاجية تعرف شريعة الإسلام معرفة صحيحة، وأخذت تتحول إلى قبائل مجاهدة أو مرابطة تنشر تعاليمه فى السودان الغربى المدارى، وتحمل الجماعات المنحرفة الضالة فى المغرب الأقصى من مثل البجلية والبرغواطية على اتباع نهجه القويم، حينئذ أصبحت القبائل الصنهاجية فى موريتانيا تمثل شعبا مسلما من شعوب العالم الإسلامى، شعبا تبنى فى جميع أركانه المساجد، ويقوم فيها أئمة وعاظ وشيوخ يقفون الناس على شئون دينهم ويحفّظونهم بعض سور القرآن الكريم، إن لم يكن القرآن جميعه، كما يحفظونهم بعض الأحاديث النبوية.
وفى رأيى أن قلة من الصنهاجين الموريتانيين حفّت بهؤلاء الشيوخ وعرفت العربية، ولكن الكثرة الصنهاجية ظلت تتداول اللغة البربرية، ويخفف من حدتها تلاوة القرآن فى المساجد ونزول بعض الشيوخ فى البلدان الموريتانية مثل نزول الشيخ إسماعيل-كما مر بنا-فى ولاته سنة ٦٠٠ هـ/١٢٠٣ م وقيام القضاة فيها على تنفيذ أحكام الشريعة مثل قاضى ولاته الذى أكرم ابن بطوطة حين نزل بلده سنة ٧٥٣ هـ/١٣٥٣ م ونوّه بأخ له مدرس، ويغزوسنّ على تمبكتو ويشعل بها النيران سنة ٨٧٣ هـ/١٤٦٨ م فيفر فقهاؤها إلى ولاته وفى مقدمتهم الشيخ