وحكامهم فإن خلفه بوكدار أخاه اعتنق الدين الحنيف، ولم يمض فى الحكم سوى عام واحد، إذ قتلته يد آثمة. وولى بعده أخوه أرغون (٦٨١ - ٦٩٢) وفى عهده حظى المسيحيون النسطوريون بعطف واسع، وخلفه أخوه كيختو لمدة سنتين، ثم بيدو وقتل سريعا.
وولى بعده-كما مرّ فى قسم العراق-غازان (٦٩٣ - ٧٠٣) الذى أتاح لدولة الإيلخانيين فى إيران والعراق عهدا ذهبيا عظيما، إذ اعتنق الإسلام وعمل على نشره بين المغول نشرا واسعا، وعنى بأن تصبح تبريز عاصمته من أجمل المدن الإسلامية، وقد بنى فيها رباطا وبيمارستانا ومدارس دينية ومرصدا كبيرا ومكتبة فخمة، وأقام لأصحاب العلوم والفنون ضاحية مؤلفة من ثلاثين ألف بيت لعلماء الدين والفقهاء والمحدثين والقراء والأساتذة والطلاب. وخلفه أخوه خدابندا سنة ٧٠٣ واهتم مثله بنهضة العلوم والفنون، واتخذ عاصمة له مدينة بناها بالقرب من قزوين سماها السلطانية، واحتفل فى بنائها والاهتمام بها احتفالا واسعا. وتوفى سنة ٧١٦ وتولى بعده ابنه بوسعيد حتى سنة ٧٣٦ للهجرة، وكان فى الثانية عشرة من عمره، فلم يستطع ضبط البلاد، وأخذ أبناء عمومته يتناحرون على الولايات والبلدان، وكونوا دويلات صغيرة، كان من أقواها الدولة المظفرية فى كرمان التى استطاعت أن تبسط نفوذها على فارس والجزء الجنوبى من إيران. وتظل البلاد فى فوضى نحو نصف قرن من الزمان، إلى أن يغزو تيمور لنك إيران والبلاد العربية.
الدولة المغولية التيمورية (١) وما تلاها من الدول
مؤسس هذه الدولة تيمورلنك المولود-كما مر فى قسم العراق-فى كش من أعمال ما وراء النهر بالقرب من سمرقند سنة ٧٣٦ للهجرة، وهو من سلالة جنكز خان، كان أبوه واليا لكش ونواحيها، واستطاع تيمور لنك بذكائه وشجاعته أن يستميل حكام ما وراء النهر، فيقربوه منهم ويستوزروه فى بعض الأحيان. ومازال يعمل على أن يجمع زمام السلطة فى يده-كما مر فى قسم العراق-حتى غدا الحاكم الوحيد لإقليم ماوراء النهر جميعه سنة ٧٧١ للهجرة، ومدّ سلطانه إلى خراسان فى سنة ٧٨٢ واستولى على مازندران وسجستان وجرجان فى سنة ٧٨٤ ولم يلبث فى سنة ٧٨٨ - كما مر فى قسم العراق-أن استولى على فارس وأذربيجان. وبدأ منذ سنة ٧٩٥ ما يعرف بحرب السنوات الخمس، فأغار على
(١) انظر فى الدولة المغولية التيمورية المصادر المذكورة فى الفصل الأول من قسم العراق. وانظر فى الدول التالية تاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان ص ٤٢٠ وفيليب حتى ٢/ ٨٢٥ وإيران ماضيها وحاضرها لدونالد ولبر ص ٧٦ وما بعدها.