للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يقول لهم لا تنكرونى بعد ما قدمت لكم من جميل واذكروا حلّى لطلابكم المشكلات التى استصعبت وانبهمت، واذكروا ما زينت به من درر العلم أبناءكم وكيف أسقيتهم منه ما أطفئوا به ظمئهم إلى المعارف، ويقول مفاخرا بقبيلته وقومه:

ونحن ركب من الأشراف منتظم ... أجلّ ذا الخلق قدرا دون أدنانا

نتلو كتاب إله العرش كلّ مسا ... وكلّ يوم ومن نلقى توقّانا

ومن تكن همّة الأقدار نصرته ... لم تقدر الناس أن توهى له شانا

وهمّة دونها هام السماء ومن ... همّته دونها هام السّما دانا (١)

وهيبة ملئت منها القلوب فلو ... نظرت شزرا إلى أقصى الورى حانا (٢)

ولا ينهنهنى عن حاجة جزع ... ولا ألين وإن ذو لوثة لانا (٣)

وهو يفخر بقومه أو قبيلته فخرا مبالغا فيه إذ يجعل أعظم الناس قدرا دون أدنى شخص فيهم منزلة ومكانة، ويقول إنهم مكبون على كتاب الله يتلونه مساء وكل يوم، وينوه بشجاعتهم وأن القبائل تحذرهم وتتوقاهم، ويذكر أن الأقدار دائما تنصرهم على أعدائهم، ومن تنصره لا يستطيع أحد ولا قبيل أن يضعفا له شأنا وهم مهابون هيبة ملئت منها القلوب مخافة، حتى إنه لو نظر إلى عدو مغضبا هلك خوفا وفزعا، ولا يعتريه إزاء حاجة يريدها جزع، وإنه صلب لا يلين، إنما يلين الضعيف الواهن. توفى سنة ١٢٢٠ هـ‍/١٨٠٦ م وقبل بل قبل ذلك بسنوات.

محمد (٤) بن سيدىّ الايبيرىّ

كان أبوه سيدىّ جوادا جودا عظيما إذ كان غيثا مدرارا، وكان عالما تتلمذ لحرم بن عبد الجليل وبذّ أقرانه، وشغف بالتصوف فشد رحاله إلى الشيخ المختار الكنتى الصوفى ولازمه ستة أشهر، توفى عقبها، فلازم ابنه محمدا حتى برع فى التصوف ومعرفة طريقه. ويقول الشنقيطى عن محمد بن سيدىّ إنه نشأ فى نعمة عظيمة ورعاية من والده جسيمة، ويقول إنه العلامة الأريب اللغوى الأديب، ويتوسع فى ترجمته إلى أكثر من عشرين صفحة، ينشد فيها طرائف شعره، ومما أنشده قصيدة له يسخر فيها ممن يردّدون موضوعات الشعر القديمة وخاصة الوقوف بالأطلال والبكاء بالديار ونعت المرأة والخمر ويعيب عليهم كثرة السرقات الشعرية. ومن قصائده قصيدة يدعو فيها للجهاد ضد أعداء الإسلام المغيرين على السواحل الإفريقية


(١) دان: عزّ.
(٢) شزرا هنا: مغضبا. حان: هلك.
(٣) ينهنهنى: يكفّنى-لوثة: ضعف وحمق.
(٤) انظر فى ترجمة محمد بن سيدىّ الوسيط للشنقيطى ص ٢٤٣ والشعر والشعراء فى موريتانيا ص ٥٧، ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>