تقع شبه جزيرة إيبيريا فى الجنوب الغربى من القارة الأوربية، وتتصل بالقارة عن طريق جبال شاهقة وعرة، هى جبال البرينيه التى تكوّن حاجزا منيعا بينها وبين أوربا، ولا يمكن لأحد اجتيازها إلا من ممرين يخترقانها فى الشرق والغرب، وبينهما ممرات متعرجة ملتوية ضيقة سماها العرب باسم الأبواب مما جعلهم يسمون تلك الجبال جبال الأبواب. وفى وسط الجزيرة هضبة كبرى تنحدر نحو الشرق مطلّة على البحر المتوسط مهد الحضارات القديمة الكبرى: المصرية والفينيقية واليونانية والرومانية، كما تنحدر نحو الغرب مطلة على المحيط الأطلسى، وهو يطوّق شماليها الغربى فى خليج بسكاى ويتصل فى جنوبيها بالبحر المتوسط عن طريق مضيق الزقاق الذى سمّى بعد الفتح العربى إلى اليوم باسم مضيق جبل طارق. وتمتد فى هضبة إيبيريا الوسطى سلاسل جبال من الشرق إلى الغرب تصعّب التواصل بين أجزائها فى الداخل. وبها أنهار كثيرة وخاصة فى الغرب حيث تصب فى المحيط، وهى من الشمال إلى الجنوب نهر المنيو ثم نهر دويرة، وهو كثير الفروع غزير المياه خصب التربة، ويليه نهر تاجه وتقع عليه مدريد وطليطلة ويصب عند أشبونة، ثم نهر آنه وتقع عليه بطليوس، فنهر الوادى الكبير وتقع عليه قرطبة وإشبيلية ومنه يتفرّع نهر شنّيل مادّا ذراعا له إلى غرناطة، وجنوبيه نهير لكّه ويصب فى المحيط بالقرب من قادس. وتصب فى البحر المتوسط أنهار أقل أهمية ما عدا نهر إبرو فى
(١) انظر فى التكوين الجغرافى لإيبيريا كتب الجغرافية العربية القديمة وخاصة التراث الجغرافى الأندلسى والتعريف به فى كتاب الجغرافية والجغرافيين فى الأندلس للدكتور حسين مؤنس. وراجع فى التكوين البشرى لإيبيريا الصفحات الأولى من كتاب فجر الأندلس للدكتور مؤنس وكتاب دولة الإسلام فى الأندلس لمحمد عبد الله عنان وكتاب الإسلام فى إسبانيا للدكتور لطفى عبد البديع.