للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتنفّست فيك الصّبا مفتوقة ... بنسيم مسك رياضها المتضوّع

أو ما عجبت لطود عزّ باذخ ... مستودع فى ذى الثلاث الأذرع

ولخدّ من وطئ الكواكب راقيا ... كيف ارتضى من بعدها باليرمع

ولقد وقفت على ربوعك شاكيا ... وبها الذى بى من أسى وتوجّع

وهو يدعو للقبر أن تهب عليه ريح الصّبا العطرة بمسك الرياض ذكى الرائحة وأن يظل ذلك دائما أبدا، ويعجب لهذا الجبل الشامخ عزا أن تطويه ثلاث أذرع ومن وطى الكواكب بقدمه راقيا أن يرتضى النزول تحت اليرمع أو الحجارة الرخوة، وإنه-مثل كل ما حوله من الربوع- ليمتلئ حسرة وأسى وتوجعا ما بعده توجع. ولعل فى ذلك كله ما يصور ملكة ابن النضر الشعرية الخصبة.

على بن عرّام (١)

شاعر أسوان مسقط رأسه وموطنه، بل شاعر الصعيد قاطبة، دفعه طموحه فى شبابه إلى أن ينزل الفسطاط ويأخذ عن علمائها اللغويين من أمثال ابن بركات وغير اللغويين، وكان فيه ذكاء وحب للعلم وفنونه، فبرع فى غير فن، وصنف تصانيف كثيرة. ويبدو أنه آثر المقام ببلدته أسوان، وله فى أعيانها غير مدحة، وكان كثير الوفود على حكام الصعيد من الأيوبيين فى قوص وغير قوص، من مثل مبارك بن منقذ وتوران شاه. ويقول العماد الأصبهانى إنه سأل عنه سنة ٥٧٣ فقالوا له إنه حىّ فى أسوان، وكان لا يزال يذكرها حين يبرحها فترة فى حنين بالغ، حتى ليقول فى إحدى رحلاته وقد ذكرها، فكأنما نكأ جرحا فى فؤاده إذ يقول متلهفا فى العودة إليها حين نفاه بنو الكنز أعيانها إلى إسنا:

ولا بارك الرحمن فيمن أزاحنى ... عن الظلّ والماء الزّلال الذى يجرى

مقيل ولكن أين منّى ظلّه ... وسقيا ولكنى بعيد عن القطر

فهو يتمنى وقت قيلولة بأسوان وشربة من مائها السلسبيل، إنها نعيمه وفردوسه الذى لا يماثله فردوس، وسرعان ما عاد إليها وظل بها حتى توفى سنة ٥٨٠. ويقول صاحب الطالع السعيد:


(١) انظر فى ابن عرام وترجمته وأشعاره الخريدة (قسم شعراء مصر) ٢/ ١٦٥ والطالع السعيد ص ١٩٨ وحسن المحاضرة ١/ ٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>