للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبح ملوك الفونج-منذ هذا التاريخ-ألعوبة فى أيدى الوزراء من الهمج، وكانوا جماعة أو قبيلا واضحا فى سنار: وكان منهم الوزير الأول لبادى أبى شلوخ ثم لابنه ناصر وهو الشيخ محمد أبو لكيلك، أما جماعته وهم الهمج فيقال إنهم من الجعليين الذين كانوا ينزلون شمالى قبائل العبدلاب، ويقال بل هم من أهل النوبة الذين أسكنهم الملك بادى أبو دقن فى قرى حول سنار وجعل منهم جنده وحرسه الخاص. والأصل الذى انحدر منه الشيخ محمد أبو لكيلك يرجع إلى جعلىّ، تزرّج من نساء الأبواب. وقد مكنته مجموعة أخواله الأبواب من الاحتفاظ بإدارة الحكم وتدبيره. وعزل الملك ناصر وتولى أخوه إسماعيل، وتوفى الشيخ محمد أبو لكيلك وتولى المشيخة بادى ود رجب، وبدأ التنافس سريعا فى جماعة الهمج، إذ أخذ غير واحد يستعين بمجموعته أو عشيرته ليستولى على الحكم، وكثرت الانقسامات والحروب الأهلية فى الدولة إلى أن دخلت جيوش محمد على السودان سنة ١٢٣٦ هـ‍/١٨٢٠ م بقيادة ابنه إسماعيل كامل.

٤ -

محمد على والسودان-عهد إسماعيل

(أ) محمد على (١) والسوادان

ترجع بعض المغريات التى جعلت محمد على يفكر فى فتح السودان إلى ما سمعه عن شبابه من الإخلاص والطاعة وشدة البأس، فتمنى لو أتيحت لجيشه كتيبه أو كتائب سودانية بدلا ممن فيه من الترك والأرنؤوط والألبان. ومن أهم المغريات أن المماليك الذين اضطهدهم فى مصر وأوقع بهم فى مذبحة القلعة المشهورة فرّ كثيرون منهم إلى السودان وخشى أن يكوّنوا دولة هناك تحمل السلاح ضده، فرأى أن يتعقبهم ويقضى عليهم قبل استفحال أمرهم. فأصدر قرارا إلى محمد بك لا ظوغلى بتجهيز الحملة، فجمع جيشا من المغاربة والأتراك والأرنؤوط والألبان وعربان البوادى، ورحّل الجيش إلى حلفا وعيّن محمد على ابنه الثالث إسماعيل كامل قائدا له وعين معه مساعدين من كبار القواد. وسار الجيش فى أرض النوبة، وطلب إلى قبائل الشائقية تسليم خيولهم وأسلحتهم فأبوا وقالوا إنهم يدفعون ضريبة أو إتاوة فقط ولكن لا يدفعون خيولهم واسلحتهم التى نشئوا يحملونها. وصمم إسماعيل كامل على حربهم، وعلى الرغم من بسالتهم لم يستطيعوا الصمود لرصاص المدافع، فاستسلمت طائفة منهم وطائفة ولّت وجوهها


(١) انظر مخطوطة كاتب الشونة: تاريخ السلطنة السنارية والإدارة المصرية، والسودان عبر القرون للدكتور مكى شبيكة، وعصر محمد على لعبد الرحمن الرافعى، وتاريخ السودان القديم والحديث لنعوم شقير، ودائرة المعارف الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>