للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مدينة شندى وفيها سلموا له، وطمأنهم وأخذ فى استمالتهم حتى ارتضوا أن ينضموا إلى جيشه. وكان المماليك قد انسحبوا إلى شندى وآثر عدد منهم التسليم لإسماعيل كامل، وفرت طائفة منهم إلى كردفان ومنها اتجهوا إلى ليبيا، ولم يسمع عنهم بعد ذلك خبر. وطائفة اتجهت شرقا نحو الحجاز، وانقطعت أخبارها. وسلّم له الشائقية وحكام دنقلة وبربر وشندى والجعليين. وواصل إسماعيل كامل زحفه حتى نزل فى مقر أم درمان الحالية، وفيها وفد عليه أمير العبدلاّب وسلّم له فى أوائل رمضان سنة ١٢٣٦ هـ‍/١٨٢١ م وهرب منه بعض الناس ولقيه آخرون أعطاهم الأمان لأنفسهم وكساهم، وزحف إلى الجنوب، وكان يهدى كل من لقيه من الحكام كسوة وسيفا، ولقيه ملك الفونج فأمنه وكساه ودخل مدينة سنار فى الثانى عشر من رمضان. وبدون ريب كانت دولة سنار دولة عظيمة أدّت للإسلام والعروبة خدمات جليلة لمدة ثلاثة قرون ورثاها بعض الشعراء.

وكان إسماعيل كامل قائد الجيش وهو فى دنقله قد أعدّ حملة بقيادة محمد بك الدفتردار لفتح كردفان ولم يقبل حاكمها التسليم، والتقى بجيش الدفتردار عند مدينة الأبيض ولم تصنع شيئا السيوف والحراب إزاء الأسلحة النارية، واستسلمت إمارة كردفان. واستقر إسماعيل كامل فى سنار، وأخذ يرسل بالسرايا وتأتيه بالغنائم والأسرى. وزار إبراهيم باشا أخاه إسماعيل كامل فى سنار ليعدّ العدة معه لإرسال السودانيين إلى أبيه، وعاد سريعا. وفرض إسماعيل كامل ضرائب فادحة على السودانيين فغضبوا غضبا شديدا فاضطر إلى تخفيضها. وأحسّ بوخامة مناخ سنار فنزل واد مدنى وبنى بها ثكنات للجيش ومكاتب للحكومة، وصمم إسماعيل- بعد غيابه عن القاهرة مدة سنتين-أن يعود إليها، ومر فى عودته بنمر ملك شندى والجعليين، وطلب منه أن يقدم إليه من الأنعام والنقود ما يبلغ نحو عشرين ألف جنيه، وهو مبلغ تقصر عنه موارده أو هو مبلغ باهظ، فلما راجعه قسا عليه، فصمم نمر على الانتقام وأمر بوضع قصب جاف حول خيمته وأشعله وإسماعيل كامل نائم، فمات بالاختناق سنة ١٢٣٩ هـ‍/١٨٢٣ م. وأعقبت ذلك حملات انتقامية للدفتردار قتل فيها آلاف غير من أسروا. وعين محمد على لإدارة السودان عثمان بك ونزل فى مكان الخرطوم الآن واتبع سياسة التنكيل بالسودانيين وما ذنبهم؟ ولكنه كان قصير النظر مثل الدفتردار، وتوفى سريعا. وعين محمد على خورشيد أغا حاكما لإقليم سنار، وكان عليه أن يرجع الثقة للحكومة وأن يعيد إلى السودان من فرّ إلى الحبشة ملتجئا ونجح فى تحقيق الغايتين، واتبع فى سنار سياسة عمرانية رشيدة، ورأى أن تبنى الزراعة فى السودان على الرى المستديم مثل مصر وطلب عمالا منها يجيدون صناعة السواقى وطلب عمالا آخرين لحفر الترع، واستحضر من مصر أغراس بعض الأشجار المثمرة وشجع زراعة النيلة وقصب السكر، وطلب كباشا من مصر لتحسين سلالة الضأن فى السودان. ورقّى خورشيد إلى رتبة الميرميران ومنح لقب باشا. وبعد اثنى عشر عاما من حكمه

<<  <  ج: ص:  >  >>