للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتناءى لفظنا عنه ولكن ... هو بالأوصاف فى الأذهان دان

كافر بالله جهرا والمثانى ... كلّ من قال: له فى الخلق ثان

ويبدو أن محمد بن زيد كان قد خطا فى الدعوة الشيعية خطوات فسمّى نفسه الداعى، وأخذ يوحى إلى الشعراء أن يسبغوا عليه صفات إلهية، فهو ظاهر فى العيان، وهو مختف فى كل مكان، وهو لا تحدّه الألفاظ، وإنّما تقرّبه الأوصاف وليس له ندّ ولا شبيه، وكافر بالله والمثانى السبع أو القرآن من يقول له فى الخلق ثان. ونحن نعرض ثلاثة من شعراء الشيعة منهم اثنان علويان والثالث من الأنصار المخلصين، وهم محمد بن صالح العلوى والحمّانى والمفجّع البصرى.

محمد بن صالح العلوى (١)

من فتيان البيت العلوى وشجعانه وشعرائه، امتعض لبيته حين أنزل به المتوكل ما أنزل من سخطه وغضبه، وما كان من هدمه لقبر الحسين ومنعه الناس من زيارة قبره وقبر أبيه على بالنجف. وكان موطنه سويقة فى بادية الحجاز كان ينزلها مع أسرته من الحسنيين أحفاد الحسن بن على بن أبى طالب، فعزم على الخروج وأخذ يجمع الناس لذلك، وتصادف أن حجّ بالناس فى نفس السنة أبو الساج أحد قواد المتوكل الترك فسمع بنيّته وأنه لبس البياض مع كثير من أنصاره، وكأن البياض كان حينئذ يتخذ شعارا للعلويين ضد العباسيين المسوّدين أو الذين يتخذون السواد شعارا لهم. وفاجأه هو وأنصاره أبو الساج فأخذهم وقيّدهم وقتل نفرا منهم وأخرب سويقة وحرق منازلهم بها واستأصل كثيرا من نخلها وأثر فيها آثارا سيئة، وحمل محمد بن صالح فيمن حمل منهم إلى سامرّاء، فحبس ثلاث سنوات، ثم عفا عنه المتوكل بسبب شعره وبفضل وساطة وزيره الفتح بن خاقان له، وذلك أنه نظم أبياتا جيدة يعزّى فيها نفسه عن حبسه، ويتجمّل بالصبر قائلا:


(١) انظر فى محمد بن صالح الأغانى (طبع دار الكتب المصرية) ١٦/ ٣٦١ ومقاتل الطالبيين للأصبهانى (طبعة الحلبى) ص ٦٠٠ ومعجم الشعراء ص ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>