للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخاصمون آل على، وربما اتخذ لذلك وسائل ماكرة، وممن اشتهر بهذه الطريقة أبو نعامة الدقيقى الكوفى، إذ قال الرواة إنه استنفد شعره فى هجاء رجال الجيش العباسى، يرميهم بالأبنة، وصنع فى قوّادهم ورؤساء الدولة قصيدة مزدوجة سماها السنيّة، رماهم فيها بالقبائح الشنيعة. وما زال هذا شأنه، حتى تصادف أن دخل بغداد مفلح القائد التركى فى طريقه إلى حرب صاحب الزنج، فدلّه عليه قوم من أهل بغداد، وقالوا إنه يتشيع وشهدوا عليه بالرّفض، فضربه مفلح بالسياط حتى تلفت نفسه ومات لسنة ٢٦٠.

وكان قد خلف الحسن بن زيد على طبرستان حين توفى أخوه محمد، واستقام أمره فيها وعظم شأنه، فدخل ديار الدّيلم ودانت له، حتى إذا كانت سنة ٢٨٧ جهّز جيوشا كثيرة من الديلم وغيرهم لغزو جرجان، فلقيته جيوش إسماعيل بن أحمد السامانى صاحب خراسان من قبل العباسيين، ودارت عليه الدوائر وأثخن بالجروح، وتوفى، فدفن بباب جرجان، يقول المسعودى: وقبره هناك معظم إلى اليوم. ويبدو أنه كانت له بطانة كبيرة من الشعراء تنصر دعوته من مثل محمد بن حبيب الضبىّ القائل فيه (١):

إن ابن زيد كلّ يوم زائد ... علا علوّا لا يساويه أحد

لو صال بالطود إذن أذلّه ... أو زجر البحر إذن صار زبد

وأهم من هذا الشاعر شاعر يسمى أبا المقاتل نصر بن نصير الحلوانى، نراه يغلو فى مديحه، حتى لنصبح وكأننا بإزاء بعض غلاة الشيعة وما يحيطون به أئمتهم من هالة قدسية ترفعهم عن البشر درجات، وفيها يقول (٢):

لا تقل بشرى وقل لى بشريان ... غرّة الداعى ويوم المهرجان

ابن زيد مالك رقّ الزمان ... بالعطايا والمنايا والأمانى

خلقت كفّاه موتا وحياة ... وحوت أخلاقه كنه الجنان

مختف فكرته فى كل شئ ... فهو فى كل محلّ ومكان


(١) معجم الشعراء ص ٣٩٧.
(٢) مروج الذهب ٤/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>