للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير، فولّى وجهه خارجا، وهو يقول (١):

إن وترا يكون طالبه الل‍ ... هـ لوتر نجاحه بالحرىّ

ونصب له الشيعة مأتما كبيرا ناح فيه الشعراء وبكوا طويلا، ومرت بنا فى غير هذا الموضع مرثية ابن الرومى له، وهى صرخة من أعماقه تناول فيها العباسيين تناولا ذميما، واصفا لهم بالظلم والطغيان هم وولاتهم، ومنذرا برجوع الحق إلى نصابه، بل متوعدا بجيش يأخذ بثأر يحيى ويدمر خصومه تدميرا. وكثر رثاؤه وندبه والنواح عليه بمثل قول أحمد بن أبى طاهر (٢):

سلام على الإسلام فهو مودّع ... إذا ما مضى آل النبىّ فودّعوا

فقدنا العلا والمجد عند افتقادهم ... وأضحت عروش المكرمات تضعضع

لقد أقفرت دار النبى محمّد ... من الدين والإسلام فالدار بلقع

وقتّل آل المصطفى فى خلالها ... وبدّد شمل منهم ليس يجمع

وسرعان ما يثور فى نفس السّنة بطبرستان الحسن بن زيد العلوى سليل الحسن بن على بن أبى طالب، ويغلب عليها وعلى جرجان بعد حروب ومعارك كثيرة، ويظل مسيطرا عليها إلى أن يليى نداء ربه لسنة ٢٧٠ وطبيعى أن يصبح مقصدا للشعراء. وأن يتغنى غير شاعر باسمه فى المناسبات المختلفة، ونجد شاعرا من جرجان يسمى محمد بن إبراهيم يهنئه حين افتصد بقوله (٣):

قد رأينا مجالسا عطرات ... هيّئت عندنا لفصد الإمام

إنما غيّب الطبيب شبا المب‍ ... ضع عندى فى مهجة الإسلام

سرّت الأرض حين صبّ عليها ... دم خير الورى وأعلى الأنام

والنزعة الشيعية واضحة فى الأبيات. وكان من الشعراء حينئذ من يستر تشيعه ماكرا برجال الدولة العباسية، إذ ينزل عليهم بسياط هجائه، لا لشئ إلا لأنهم


(١) الطبرى ٩/ ٢٧٠ والمروج ٤/ ٦٤.
(٢) مروج الذهب ٤/ ٦٤.
(٣) معجم الشعراء ص ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>