للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مختلفين، وأصبحوا شبيهين بملوك الطوائف من الفرس. وفى مسالك الأبصار بعد ذكر بوسعيد: «ثم هم (أى التتار فى إيران والعراق) بعده فى دهياء مظلمة وعمياء مقتمة، لا يفضى ليلهم إلى صباح، ولا فرقتهم إلى اجتماع، ولا فسادهم إلى صلاح، وفى كل ناحية هاتف، يدعى باسمه، وخائف أخذ جانبا إلى قسمه، وكل طائفة تتغلب وتقيم قائما تقول من أبناء الخان أو القان، وتنسبه إلى فلان، ثم يضمحل أمره عن قريب، ولا تتحقق دعوته حتى يدعى فلا يجيب، وما ذلك من الدهر بعجيب». وفى سنة ٧٤٠ صارت بغداد والعراق بيد الشيخ حسن الكبير، وهو الحسن بن الحسين بن أقبغا، كان جده رفيقا لهولاكو. وتوفى سنة ٧٥٧.

وملك بغداد والعراق بعده ابنه أويس، وهو سبط أرغون بن أبغا أو ابن ابنته، وكان حسن السيرة عادلا محبا للفقراء والعلماء توفى سنة ٧٧٦ وخلفه ابنه السلطان الملك المعز حسين، وكان قد ولاه مكانه فى أواخر أيامه، وكانت العراق فى عهده مطمئنة معمورة، وقتله أخوه أحمد سنة ٧٨٤ وتولى الملك بعده، وتلقب بالسلطان غياث الدين، وكان ظالما سفاكا للدماء أسرف فى قتل أمرائه وبالغ فى ظلم الرعية وانهمك فى الفجور والفساد، فكاتب أهل بغداد تيمور لنك بعد استيلائه على مدينة تبريز يحثونه على المسير إلى بغداد، فتوجه إليها بعساكره سنة ٧٩٥ واستولى عليها وفر أحمد بن أويس إلى الديار الشامية، مستغيثا بالسلطان برقوق صاحب الشام ومصر وكان تيمور قد فارقها فأعانه على استردادها فى السنة التالية، وسنرى فى حديثنا عن تيمور لنك وأسرته ما كان من أمره.

الدولتان: المغولية التيمورية (١) والتركمانية

قاد الموجه المغولية الثانية تيمور لنك المولود فى «كش» من بلدان ما وراء النهر، وهو ينحدر من سلالة جنكز خان، وكانت ولادته سنة ٧٣٦ للهجرة، وكان أبوه واليا لكش وأعمالها، وكان طموحه واسعا، فعمل على جمع زمام الأمور فى يده لا فى كش وحدها، بل فى كل بلاد ما وراء النهر بحيث أصبحت لسنة ٧٧١ جميعا فى قبضته، ثم أخذ يعدّ العدة للانقضاض على خراسان واستولى عليها سنة ٧٨٢ ومضى فى سنة ٧٨٤ يستولى على مازندران وسجستان وجرجان، ولم يلبث أن استولى على فارس وأذربيجان سنة


(١) انظر فى تيمور وحكام بغداد بعده احمد بن أويس والتركمان ابن عريشاه فى كتابه «عجائب المقدور فى نوائب تيمور» وابن تغرى بردى فى الجزءين الثانى عشر والثالث عشر وخاصة فى ١٢/ ٢٥٤ حيث عقد لتيمور لنك ترجمة طويلة وبالمثل عقد لأحمد بن أويس ترجمة فى المنهل الصافى ١/ ٢٣٢، وراجع تاريخ ابن خلدون والضوء اللامع فى أعيان القرن التاسع وتاريخ الشعوب الإسلامية ليروكلمان ودائرة المعارف الإسلامية فى تيمور وأوزون حسن التركمانى، وإيران: ماضيها وحاضرها لدونالدولير.

<<  <  ج: ص:  >  >>