للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٨٨ وأخذ يفتح البلدان فى شمالى العراق، حتى إذا كان شهر شوال سنة ٧٩٥ حاصر بغداد، وهرب منه أحمد بن أويس إلى السلطان برقوق فى الشام وخرّب تيمور غالب العراق ومدنه: بغداد والبصرة والكوفة، وقصد الشام فى سنة ٧٩٨ ورجع خائفا من الظاهر برقوق إلى سمرقند عاصمته وكانت جيوشه قد تغلغلت فى روسيا واستولت على موسكو، وسار إلى الهند فى سنة ٨٠٠ وعبر نهر السند واستولى على دلهى بعد أن قتل من أهلها ثمانين ألفا، وكان أحمد بن أويس قد عاد إلى بغداد بمعونة المصريين، ومثله قرا يوسف عاد إلى نيابته على الرّها فى الجزيرة. وبلغ تيمور موت السلطان الظاهر برقوق صاحب مصر والشام وموت برهان الدين أحمد صاحب سيواس بالجنوب الغربى من آسيا الصغرى، فرأى أن الظفر بمملكتيهما أصبح قريبا، وكاد أن يطير بموتهما فرحا، فاستناب بالهند من يثق به من أمرائه، وعاد إلى سمرقند. ثم خرج منها مسرعا فى أوائل سنة ٨٠٢ ومضى إلى تبريز فاستخلف فيها ابنه ميران شاه. وكان أحمد بن أويس قد سار مع أمرائه ورعيته سيرة سيئة، فقاتلوه وخرج منهزما واستنجد بالأمير قرا يوسف التركمانى صاحب تبريز والرّها وديار بكر، وعاد معه إلى بغداد. وصيّف تيمور فى بلاده ثم مضى إلى سيواس فاستولى عليها أول سنة ٨٠٣ وخرّبها ومحا رسومها. ثم قصد الديار الشامية، واستولى على حلب بعد أن أعمل السيف فى جنودها وأهلها حتى امتلأت الجوامع والطرقات بالقتلى، وعمل تيمور-فيما يقال-من رءوس القتلى منائر عدة ترتفع عن الأرض عشرة أذرع تهديدا ووعيدا. ورحل عن حلب بعد أن تركها خاوية على عروشها خالية من سكانها وأنيسها، وكان ابنه ميران شاه قد أخذ حماة وأشعل النار بها وأصحابه يقتلون ويأسرون وينهبون، وقتلوا الأطفال على صدور الأمهات، واتجه إلى دمشق وواقعته جنود السلطان فرج بن برقوق ولم تثبت طويلا، ولم يلبث أن وقّع مع أهل دمشق صلحا، ودخلها هو وجنوده وغدر بهم فأشعل جنوده بها النار، فاحترقت وسقطت بعض سقوف الجامع الأموى، وصارت أطلالا بالية ورسوما داثرة كما يقول المؤرخون. وأقام هو وجنوده عليها ثمانين يوما، ثم رحل عنها فى شعبان سنة ٨٠٣ وظل فى انسحابه من الشام، وأوهم أنه يريد سمرقند وهو إنما يريد بغداد، وكان أحمد بن أويس قد استناب عنه فيها أميرا يسمى فرجا، واتجه هو وقرا يوسف صاحب الرّها نحو آسيا الصغرى، فندب تيمور بعض قواده لأخذ بغداد، ثم تبعه وحاصر بغداد حتى أخذها عنوة فى يوم عيد النحر أو العيد الأضحى من نفس السنة، ووضع السيف فى البغداديين، حتى سالت الدماء أنهارا، ويقال إنه قتل من أهلها نحو مائة ألف إنسان، وبنى من رءوسهم-على عادته كلما دخل

<<  <  ج: ص:  >  >>