سكان ليبيا-منذ الأزمان السحيقة-سلالات عريقة من البربر الذين استوطنوا قديما الشمال الإفريقى من مصر إلى المحيط الأطلسى، واختلف المؤرخون فى بيان أصل منشئهم، فمن قائل إن جدودهم هاجروا إلى بلاد المغرب من فلسطين، ومن قائل إنهم عرب هاجروا من جنوب الجزيرة: من حمير، ويقال بل إن أصلهم من عرب الشمال، ويقول الطبرى إنهم أخلاط من كنعان والعماليق وغيرهم، ويقول ابن خلدون إنهم من ولد كنعان بن حام. وعلى هذا النحو يضطرب المؤرخون فى أصلهم وهل هم من العرب الساميين أو هم حاميون أو هم من الفلسطينيين الذين أخرجوا قديما من ديارهم. ومعروف أن قبائل منهم حين اعتنقت الدين الحنيف وتعرّبت انتسبت إلى حمير أو إلى بعض القبائل العدنانية، وهو إحساس عميق بأنهم يرجعون إلى أصول عربية.
وليس هؤلاء السكان للشمال الإفريقى هم الذين سموا أنفسهم بربرا، إنما سماهم بذلك الرومان أخذا من الكلمة الإغريقية:«بربروس» ومعناها: الأجنبى الذى يتكلم لغة غير
(١) انظر فى المجتمع الليبى وسكانه ومعيشته كتب التاريخ قديما وحديثا وخاصة تاريخ ابن خلدون ووصف إفريقيا للحسن الوزان (طبع جامعة محمد ابن سعود) وتاريخ المغرب الكبير لدبوز، وراجع كتب الرحلات مثل رحلة التجانى (طبع تونس) ورحلة العبدرى (طبع الرباط) وصورة الأرض لابن حوقل والمسالك والممالك للبكرى وتراجم المالكى فى رياض النفوس ومعالم الإيمان لابن الدباغ وابن ناجى والبيان المغرب لابن عذارى وكتاب السير للشماخى وليبيا فى كتب الجغرافيا والرحلات لإحسان عباس ومحمد يوسف نجم وتاريخ طرابلس الغرب لمحمود ناجى (طبع بيروت) وتاريخ ليبيا لإحسان عباس والإباضية فى موكب التاريخ لمعمر ونفحات النسرين والمنهل العذب لأحمد النائب الأنصارى وأعلام ليبيا للزاوى والنشاط الثقافى لأحمد مختار عمر وليبيا فى كتب التاريخ والسير لإحسان عباس ومحمد يوسف نجم.