للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسجوع (١). وقلما يورد نور الدين السالمى فى كتابه «تحفة الأعيان» شيئا من رسائل بنى مكرم الشيعة الإماميين الذين حكموا مدينة عمان من سنة ٣٩٠ إلى سنة ٤٤٢ وكذلك قلما يورد شيئا من رسائل بنى نبهان السنيين الذين حكموها من القرن السادس الهجرى إلى القرن التاسع.

حتى إذا رجع الحكم بعدهم إلى أئمة الإباضيين أخذ يورد رسائلهم، وهى رسائل منمقة إذ يغلب عليها السجع والترصيع. ويشيع هذا الترصيع والسجع فى رسائل موجهة من بعض شيوخ الخوارج إلى أئمتهم فى شكل نصائح ووصايا أو موجهة إليهم من بعض أشياعهم أو من أهل نزوى ابتغاء إحقاق العدل ونشر الرأفة والعفو عند المقدرة.

وليس بين أيدينا نشاط كتابى كثير لأهل البحرين، غير أننا نجد فى صبح الأعشى فى رسم المكاتبة إليهم فصلا (٢) طريفا مما يدل على تبادل الرسائل بينهم وبين حكام مصر وخاصة فى عهد المماليك. ودوّن ابن معصوم فى كتابه «سلافة العصر» بعض رسائل شخصية لأدبائها. وفى كتاب شعراء هجر من القرن الثانى عشر إلى القرن الرابع عشر بعض رسائل أخرى. وجميعها يشيع فيها السجع وقد يسود بعضها تصنع شديد.

[٢ - رسائل ديوانية]

مرّ بنا أن الرسائل الديوانية بين المدينتين المقدستين بالحجاز وبين مصر كانت متصلة فى العصرين الأيوبى والمملوكى بل لا شك فى أن تاريخها يرجع إلى ما قبل ذلك فى العصر الفاطمى، غير أن ما بقى من هذه الرسائل فى المصادر التاريخية وغيرها قليل جداّ من ذلك ما كتب به الظاهر بيبرس إلى أبى نمىّ أمير مكة سنة ٦٧٥ يزجره عن الظلم (٣):

«من بيبرس سلطان مصر إلى الشريف الحسيب النسيب أبى نمىّ محمد بن أبى سعد:

أما بعد فإن الحسنة فى نفسها حسنة، وهى من بيت النبوة أحسن، والسيئة فى نفسها سيئة، وهى من بيت النبوة أو حش. وقد بلغنى عنك أيها السيد: أنك آويت المجرم، واستحللت دم المحرم، ومن يهن الله فما له من مكرم، فإن لم تقف عند حدك، وإلا أغمدنا فيك سيف جدك، والسلام». فكتب إليه أبو نمىّ:

«من محمد بن أبى سعد إلى بيبرس سلطان مصر: أما بعد فإن المملوك معترف بذنبه،


(١) التحفة ١/ ٢٩٥.
(٢) صبح الأعشى ٧/ ٣٧٠.
(٣) العقد الثمين ١/ ٤٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>