للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فها أنا ذا المهنّا والمعزّى ... وها أنا ذا الشقىّ بك السعيد

وما أصبحت إلا مثل ضرس ... تآكل فهو موجود فقيد

ففى تركى له داء دوىّ ... وفى قلعى له ألم شديد

وطبيعى لمثل الخوارزمى الذى كان ينشب أظفاره فى الحكام والأصدقاء والناس أن يتبرم بهم جميعا وبدنياه وبالدهر، حتى ليقول:

لا تشكر الدهر لخير سبّبه ... فإنه لم يتعمّد فى الهبه

وإنما أخطأ فيك مذهبه ... كالسّيل إذ يسقى مكانا خرّبه

وله وراء ذلك كله مدائح فى البويهيين والصاحب وغيرهم وله غزليات وخمريات ووصف للطبيعة وورودها ورياحينها. وفتح الثعالبى له فصلا طويلا لبيان تضميناته أشعار غيره فى شعره، وهم يمتدّون على الحقب من العصر الجاهلى حتى عصره.

الأبيوردىّ (١)

هو أبو المظفر محمد بن أحمد، من أبناء معاوية بن محمد حفيد عنبسة بن أبى سفيان بن صخر بن حرب الأموى، مولده ومنشؤه بأبيورد فى خراسان، وقد تفقه على إمام الحرمين الجوينى بنيسابور، وله فيه مدائح بديعة. وسمع عبد القاهر الجرجانى، ولعل له أثرا فى رهافة ذوقه الأدبى. وأكبّ على المعارف يحصّلها، ولعل ذلك ما جعله فيما بعد يصنف كتبا مختلفة فى الأنساب وغيرها. وفتح له الشعر والأدب العمل فى دواوين السلاجقة فى بغداد وأصفهان وغيرهما من بلدانهم. ويبدو أنه ظل فى بغداد طويلا، إذ يروى عنه أنه قال: كنت ببغداد عشرين سنة حتى أمرّن طبعى على العربية، وبعد أنا أرتضخ لكنة أعجمية. وفى بغداد التحق بخدمة مؤيد الدولة بن نظام الملك، فلما عادى هذا الوزير عميد الدولة بن منوجهر هجاه الأبيوردى، فدسّ عليه عند الخليفة أنه هجاه ومدح صاحب مصر الفاطمى. وخشى الأبيوردى على نفسه فترك بغداد إلى همذان حتى سكن جأشه وهدأ روعه. وتدل على الحقبة التى أمضاها ببغداد قصائده فى الخليفة المقتدى (٤٦٧ - ٤٨٧ هـ‍) وله فيه إحدى عشرة قصيدة. ويقول بعض الرواة إنه إنما هجر بغداد


(١) انظر فى الأبيوردى وشعره معجم الأدباء ١٧/ ٢٣٤ وابن خلكان ٤/ ٤٤٤ والوافى بالوفيات ٢/ ٩١ والسبكى ٦/ ٨١ والمنتظم ٩/ ١٧٦ والنجوم الزاهرة ٥/ ١٥١، ٢٠٦ وابن الأثير ١٠/ ٢٨٤ ومرآة الجنان ٣/ ١٩٦ والأنساب ٤٩٠ وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٢٤١ وروضات الجنات ١٨٥ وشذرات الذهب ٤/ ١٨ وإنباه الرواة ٣/ ٤٩ وديوانه مطبوع بالمطبعة العثمانية بلبنان.

<<  <  ج: ص:  >  >>