للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريبا، ويجلّل هامته شيب أو ثلج أزلى، بينما يغلى جوفه بنار لا تخمد أبدا، وكأنه شيخ رحيم قاس فى آن واحد، وقسوته لا توصف، إذ يظل يلقى بحممه مغيظا محنقا أياما، وتغطّى حممه الأرض بطبقة خصبة. وتمتد شمالى الجزيرة سلسلة جبال من الشرق إلى الغرب، أكبر الظن أنها امتداد لجبال الأبنين فى إيطاليا وجبال الأطلس فى شمالى إفريقيا، وهى جبال صخرية جرداء عارية مما كان ينتظر لها من زينة النباتات الخضراء، وطبقتها الخارجية تتكون من حجارة كلسية وبعض أنواع الرّخام الرفيع، ومنها تتكون بعض جبال فرعية، تنحدر صوب الجنوب ومن أهمها الجبال التى أنشئت فوقها مدينة قصريانة وسط الجزيرة، والجبال التى تتجه نحو مدينة جرجنت.

وهذه الجبال غنية بالخزف والرخام والملح المعدنى والجص، وكل ذلك يكوّن ثروة طبيعية مهمة لصقلية، ويوجد الكبريت قرب جرجنت وحول قطانية وبلرم.

ومناخ صقلية فى جملته معتدل، وفصل الشتاء فيها ليس قارس البرد بفضل الجبال الشمالية التى تحميها منه، وهو يمتدّ فيها من شهر نوفمبر حتى شهر مارس، وفصل الصيف معتدل الطقس إلا ما يهب عليها فيه من رياح السموم التى تأتيها من إفرتقية. ويكفى لنتصور اعتدال المنجخ فيها أن درجة الحرارة فى بلرم لا ترتفع عن ٢٦ درجة صيفا ولا تهبط عن ١١ درجة شتاء، ولذلك سميت بلاد الربيع الأبدى.

واعتدال مناخها هيّأها لأن تنمو فيها مختلف الزروع والغروس، وتكثر الأمطار فى ساحلها الغربى والشمالى وقد نقل إليها القرطاجيون القمح والزيتون والإغريق الكرمة، ونقل إليها العرب النخيل والليمون واللوز والفستق والتين ومختلف الأزهار، وأيضا الموز والبرتقال، وبها بعض مراع فى سهولها هيأت لكثير من قطعان الغنم والماعز والخنازير. ويكثر فى سواحلها صيد البحر بمختلف أنواعه.

٢ - التاريخ (١) القديم

استوطن صقلية فى أقدم عصورها شعب الصيقول (Les Sicules) ومنه اشتق اسمها، ومنذ أكثر من ألف سنة قبل الميلاد أخذ يفد عليها غزاة من الشرق أو الجنوب أو الشمال، فكانت


(١) انظر فى التاريخ القديم لصقلية كتاب تاريخ مسلمى صقلية لميخائيل أمارى Dei Musulmani Di Sicilia Amari: Storia: وكتاب المسلمون فى جزيرة صقلية وجنوب إيطاليا ص ١٩ وما بعدها وكتاب العرب فى صقلية ص ٢٥ وما بعدها وتاريخ صقلية الإسلامية فى القسم الثالث من كتاب ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية التونسية للأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب ٣/ ٤٣٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>