يرجع نسب السامانيين-فيما يذكر البيرونى وغيره-إلى بهرام جوبين الذى كان مرزبانا لخسرو أبرويز (٥٩٠ - ٦٢٧ م) على ولاية أذربيجان الفارسية، وقد أسلم جدهم سامان خوداه أى سيد قرية سامان الواقعة فى إقليم بلخ بخراسان زمن خلافة هشام بن عبد الملك (١٠٥ - ١٢٤ هـ.) ولم يلبث اسمه أن لمع بين أصحاب أبى مسلم الخراسانى حين نهض بالدعوة للعباسيين فى أواخر العصر الأموى، وتوفّى، فحلّ ابنه أسد مكانه فى خدمة العباسيين حتى توفّى لعصر الرشيد. ويصطنع المأمون أبناءه، ويأمر عبد الله بن طاهر أمير خراسان أن يوليهم على ما وراء النهر، فيولّى أحمد فرغانة ونوحا سمرقند ويحيى الشّاش وأشروسنة، كما يولى أخاهم إلياس هراة فى أفغانستان. ويغلب أحمد على أخويه نوح ويحيى ويصبح له أمر ما وراء النهر جميعه. ويتوفّى سنة ٢٦١ ويخلفه ابنه نصر على ما بيده، ويفزع إليه أهل بخارى، فيرسل إليهم أخاه إسماعيل، ويصبح نائبا له عليها.
وتفسد الأمور بين الأخوين، وتكون الغلبة لإسماعيل، فيجرد أخاه من كل سلطان. وهو يعدّ المؤسس الحقيقى للدولة السامانية.
وتلتقى جيوش إسماعيل فى سنة ٢٨٦ للهجرة مع جيوش عمرو بن الليث الصفار صاحب كرمان والرىّ وبلوخستان، وتدور الدوائر على عمرو، ويصير ما بيده من البلدان إلى إسماعيل، ويرسل إليه الخليفة المعتضد بخلعة السلطنة. ولا يكاد يدور عام حتى تنشب الحرب بين إسماعيل ومحمد بن زيد العلوى صاحب طبرستان، ويؤسر محمد بعد أن أصابته ضربات قاتلة، ويموت متأثرا بجراحه، ويستولى إسماعيل على إمارته. وبذلك تتسع الدولة السامانية سعة كبيرة، مما جعل السامانيين يقيمون على ولاياتها نوّابا عديدين، وبينما كانوا يقيمون فى بخارى حاضرتهم كان قائد جيشهم يقيم فى نيسابور حاضرة الدولة الطاهرية القديمة. وتكلّل انتصارات إسماعيل بانتصار حاسم له على الترك سنة ٢٩١ للهجرة فقد زحفوا فى جيش جرار، فنادى إسماعيل فى خراسان وبقية إمارته
(١) انظر فى الدولة السامانية الآثار الباقية للبيرونى وتجارب الأمم لابن مسكويه وابن الأثير وابن تغرى بردى فى مواضع متفرقة وتاريخ ابن خلدون (طبع دار الكتاب اللبنانى) ٤/ ٧١٢ وكتاب تاريخ الأدب فى إيران من الفردوسى إلى السعدى لبراون ترجمة الدكتور إبراهيم أمين الشواربى وإيران ماضيها وحاضرها لدونالدولير (الترجمة العربية-طبع القاهرة) ص ٥٢ وتاريخ الأدب العباسى لنيكلسن ترجمة صفاء خلوصى (طبع بغداد) ص ٣٥ والحضارة الإسلامية فى القرن الرابع الهجرى لآدم مينز (طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر) ص ٢٤ وتاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان (نشر دار العلم للملايين ببيروت) ص ٢٦٢.