للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير شرقى الأندلس (٥٤٢ - ٥٦٨ هـ‍) كما تلقانا أم عمرو بنت عبد الملك بن زهر الطبيب وأخت أبى بكر وكانت تحذق الطب مثل أبيها وأخيها وكثيرين من أسرتها، وكانت الطبيبة لنساء الأمراء من بنى عبد المؤمن بإشبيلية وأطفالهم وجواريهم، وكانت تستفتى فى الطب لرجالهم فتزيد حظوة (١) عندهم، وتوفيت بعد سنة ٥٨٠ وتعد بحق- جدّة الطبيبات العربيات المعاصرات. وكثيرات هن العابدات المتبتلات اللائى كن يعظن النساء هناك مثل ناسكة تسمى رشيدة كانت تتجول فى بلدان الأندلس مذكرة للنساء وواعظة. (٢) ويذكرون عن محيى الدين بن عربى الصوفى المشهور أن من أهم من دفعوه إلى اعتناق التصوف زوجته مريم بنت محمد بن عبدون بما كان يسمعه من مواعظها ويشاهده من ورعها، وأهم منها فى دفعه إلى التصوف نونّة فاطمة بنت ابن المثنى القرطبية، وقد لزمها سنتين خادما ومريدا، مأخوذا بما كانت تذكره من تنبؤات غريبة. وسنلم فى موضع آخر بإقبال المرأة الأندلسية على التثقف بالشعر، مما هيأ لظهور شاعرات أندلسيات كثيرات.

[٢ - علوم الأوائل-الفلسفة-علم الجغرافيا]

[(أ) علوم الأوائل]

لم يكن فى إسبانيا قبل فتح العرب لها شئ واضح من علوم الأوائل فى الرياضيات وغير الرياضيات، ويبدو أن العرب أخذوا يجلبون أطرافا منها منذ أواخر القرن الثانى الهجرى مما ترجم فى بغداد عن اليونانية وغيرها، إذ يقول ابن سعيد فى ترجمة الأمير عبد الرحمن الأوسط (٢٠٦ - ٢٣٨ هـ‍) إن أباه الحكم الربضى (١٨٠ - ٢٠٦ هـ‍) عنى بتعليمه وتخريجه فى العلوم الحديثة والقديمة، حتى إذا استولى على صولجان الحكم بعد أبيه رأى أن يحدث فى الأندلس نهضة علمية بالتعرف الدقيق على علوم الأوائل مع رعاية الدولة لها، إذ يمضى ابن سعيد فى ترجمته قائلا إنه: وجّه عباس بن ناصح إلى العراق فى


(١) انظرها فى الذيل والتكملة للمراكشى ٨/ ٢/٤٨٣ وراجع طبقات الأطباء لابن أبى أصيبعة فى ترجمة أخيها الطيبب أبى بكر ابن زهر، وكانت ابنتها طبيبة مثلها.
(٢) انظر المراكشى ٨/ ٢/٤٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>